قانونية المقاطعة

03/07/2017 0
عبدالعزيز بن سعود الصبيحي

تعتبر المقاطعة وسيلة قانونية من وسائل الضغط على جهةٍ معينه بغرض تحقيق مطالب محددة، ويعود أول استخدام لهذا التكتيك إلى خريف العام ١٨٨٠م حين قامت مجموعة من المستأجرين بمقاطعة مدير الأملاك البريطاني (تشارلز بويكووت) والذي أشتهر بسوء السمعة والعنف وغرابة الأطوار إلى أن وصل به الحال إلى العزلة الكاملة مما أدى إلى رضوخه لمطالب المستأجرين السلمية كتخفيض قيمة الإيجار في حال عدم نجاح المحصول.

قانونياً، فقد نص عهد عصبة الأمم في مادته السادسة عشرة على المقاطعة ودعا إلى التنسيق بين الدول الأعضاء لضمان التطبيق الأمثل لها، وبعد نشوء الأمم المتحدة والتي نُص في ميثاقها على المقاطعة كحق سيادي للدولة بشرط عدم انتهاك قواعد القانون الدولي وكوسيلة أساسية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين وكركيزة أساسية لضمان الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة والحفاظ على مصالح الإنسانية وكإجراء يتم فرضة على الدولة التي ترتكب جريمة العدوان أو أي عمل آخر من شأنه تهديد السلم والأمن الدوليين كتمويل الجماعات الإرهابية أو إيواءها أو التحريض على الانقلابات والعصيان والتدخل في الشؤون الداخلية للغير.

تتضمن المقاطعة تدابيراً مختلفة كإغلاق الحدود ووقف التعاملات التجارية والاستيراد والتصدير وتنظيم الرخص والرقابة المالية على النقد بما في ذلك الأرصدة البنكية ونظم الملاحة وقطع العلاقات الدبلوماسية، فكل تلك التدابير والجزاءات تندرج ضمن المقاطعة باعتبارها وسيلة سلمية وحضارية لإجبار الطرف الآخر على التخلي عن العدوان - سواءً القائم أو المتوقع الحدوث - أو أي عمل آخر من شأنه تهديد السلم والأمن الدوليين.

بالرغم مما تقدم وبالرغم من اتفاق الرأي حول قانونية ممارسة أعمال المقاطعة في حالة الحرب، إلا أن هناك خلافاً في الرأي حول قانونية المقاطعة في حالة السلم أو من دون صدور قرار من الأمم المتحدة. والرأي الأرجح هنا يتمثل بقانونية المقاطعة متى ما كان الدافع إليها والهدف المراد تحقيقه منها قانونياً، فإذا كان الهدف مشروعاً فإن المقاطعة تعدّ حينئذ وسيلة مشروعة للدفاع عن الحقوق ورد العدوان او أي عمل آخر من شأنه تهديد السلم والأمن الدوليين.

وتختلف "المقاطعة" اختلافا تاماً وجذرياً عن "الحصار"، حيث يُعرف الحصار بأنه إحاطة دولةٍ ما بشكل تام براً وبحراً وجواً ومنع أي اتصال خارجي بها، ولا يحق لأي دولة القيام بهذا الإجراء إلا بموجب قرار أممي وبالاستناد إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

عليه، فلا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار الاجراءات التي تم اتخاذها من قبل حكومات المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الامارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية تجاه دولة قطر الشقيقة حصاراً من الناحية القانونية أو السياسية أو حتى مجازياً من الناحية اللغوية، بل أن ما قامت به حكومات الدول الأربع يعتبر استخداما للحق السيادي من خلال المقاطعة المشروعة بغرض تأمين الحدود والحد من انتقال عناصر التطرف ووقف تمويل الإرهاب والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين وهو ما لقي قبولاً واسعاً لدى معظم الحكومات والشعوب المتزنة.

فما قامت به - وما قد تقوم به حكومات الدول الأربع في حال تزمت ومكابرة حكومة الدوحة - من إجراءات تجاه دولة قطر الشقيقة انما تهدف من خلالها إلى الحفاظ على السلم والأمن في المنطقة والعالم اجمع والحفاظ على وحدة ومستقبل دول الخليج العربي وإنقاذ دولة قطر العزيزة من مختطفيها، ولم يتم اللجوء إلى هذه الإجراءات إلا بعد استنفاذ كافة الوسائل والوساطات الودية ولكن دون جدوى، فنسأل الله أن تعود دولة قطر إلى المسار الصحيح وأن تسود الحكمة لدى الأشقاء هناك ليتوقفوا عن نهجهم العدائي والمليء بالتناقضات والذي بدأت الدوحة بتبنيه منذ أكثر من عقدين من الزمن، والله الهادي إلى سواء السبيل

خاص_الفابيتا