قبل أن يأكل دعم السلع جل مواردنا

10/10/2012 12
محمد العنقري

ارتفاع أسعار سلع غذائية رئيسة كالدجاج مؤخراً بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً بدد جزءاً كبيراً من الفائدة المتوقعة من الدعم الذي تقدمه الحكومة للحفاظ على أسعار السلع بمتناول المستهلك بأسعار منخفضة لا تأخذ نسبة كبيرة من دخله.

ومن الواضح أن سياسات الدعم مع تضخم الأسعار عالمياً لن تجدي نفعاً دائماً إذ إن الحكومات التي تولي الدعم أهمية قصوى تصبح ملاحقتها لرفع الدعم لامتصاص الارتفاعات بأسعار السلع أمراً غير مُجدٍ ويرفع التكاليف والالتزامات على الموازنة العامة دون أن يحقق المردود المطلوب مع التسارع الكبير بجموح الأسعار عالمياً وضبابية التوقعات بالمدة الممكن أن تتراجع بها هل هي قصيرة أم طويلة كوننا دولة تستورد جزءاً كبيراً من احتياجاتها.

ومن المعروف أن الدعم قد يستفيد منه بالغالب المستهلك الكبير أكثر من غيره فإن البحث عن حلول جذرية يصبح أكثر جدوى ومنفعة للاقتصاد الوطني وتوظيفاً أكثر فائدة للمال العام فدعم شركات الدواجن حقق الركيزة الأساسية بنهوضها خلال العقود الماضية أصبحت تغطي أكثر من نصف الاستهلاك المحلي حالياً إلا نمو إنتاجها تقلص قياساً بنمو الطلب وازداد الاستيراد من الخارج لتغطيته، وهنا تبرز أهمية النظر للدول المصدرة لسوقنا فكيف لدول مثل البرازيل عدد سكانها قرابة عشر أضعاف سكان المملكة وتصدر للعالم وكذلك فرنسا وغيرها من الدول والأسعار من منتجات تلك الدول تنافس أسعار المنتج المحلي إن لم تكن أقل أيضاً رغم وجود تكاليف إضافية كالنقل وغيره.

والأمر لا يقتصر على سلعة واحدة بل يطال العديد من الأصناف الرئيسة الأخرى واستمرار ضخ الدعم وتعديله ارتفاعاً لن يحقق الهدف بالأمن الغذائي أو الخفض لتضخم الأسعار ولا بد من الانتقال السريع لإستراتيجية جديدة ترفع الإنتاج المحلي خلال ثلاث سنوات لتغطية الطلب المحلي المتنامي عبر تمويل لمشاريع إنتاجية بمختلف المناطق والتركيز على التي تحقق أفضل بيئة لزيادة الإنتاج لتقليص تكاليف إنشاء المشاريع وتوزيع التنمية وفتح فرص وظيفية تقلص الهجرة من منطقة لأخرى.

كما يمكن تشجيع الشراكة مع الشركات العالمية والدول الرائدة ببعض المنتجات لكي تنتج محلياً عبر آليات تحفيزية متعددة إن لم تكن إلزامية بأن سوقنا مفتوح لها في حال أنتجت محلياً وكما هو الحال بإنشاء مدن صناعية من الممكن إطلاق مشروع مدن زراعية تتوفر فيها كل ما يحتاجه الإنتاج الغذائي من بنية تحتية سواء لصناعات غذائية أو إنتاج زراعي وحيواني.

ومع تكليف وزارة الزراعة بالمسئولية الكاملة على مشروع الملك عبد الله للاستثمار الزراعي الخارجي فإن سرعة إنجاز الخطة وتنوعها بما يصل بها لتوفير سلع مكملة للإنتاج المحلي أو أساسية للاستهلاك المحلي يُعد أمراً مُلحاً وتحقيق هذه المعادلة كفيل وبوقت قياسي أن يُوجد توازناً كبيراً بين قدرات الإنتاج المحلي والسلع المستوردة من الخارج من حيث تحقيق الاكتفاء الذاتي وتخفيض أحجام الدعم التقليدية وتغيير أساليبها لتكون أكثر عمقاً بالفائدة والمردود.

إعادة توظيف الدعم الحكومي للسلع الرئيسة بزيادة الإنتاج هو الحل الأكثر جدوى والذي سيحقق الهدف الرئيس لتوجهات الحكومة نحو تحقيق اكتفاء ذاتي وأمن غذائي بتكاليف جيدة تصل للمستهلك بتكلفة مقبولة ولا تزيد من الأعباء المعيشية عليه كما أن النظر بمستويات دخل الأسر وتقدير الحاجة لرفعه بالنسبة والطريقة المناسبة سيُشكّل عاملاً آخر بمواجهة الارتفاع الحالي للأسعار مثل تخصيص مبالغ تصرف للزوجة والأبناء كما هو الحال بالعديد من الدول مع تأسيس جمعيات استهلاكية توفر السلع بأسعار تنافسية وإلغاء كافة أنواع الاحتكار بفتح السوق للمستثمرين إنتاجاً.. أو توريداً من شأنه أن يُوجد سوقاً استهلاكياً صحياً تنعدم فيه أي نوع من احتكار القلة مما يسهم بنهاية المطاف لتوظيف عائدات النفط بالطرق الأكثر جدوى وفائدة للاقتصاد ويحقق التنوع بمصادر الدخل ويخفض الكثير من دور عوامل سلبية تؤثر بمعدلات التضخم ارتفاعاً الذي يقلص من انعكاسات النمو الاقتصادي الذي تعيشه المملكة حالياً والمتوقع أن يستمر لسنوات طويلة.