احذر السكر

14/11/2009 12
زاهر الحاج

في الاخبار أن سلعة "السكر" في السودان قفز سعرها متجاوزا كل الحواجز ، ليستقر على نسبة ارتفاع 100% ليُصبح سعر الرطل (2) جنية بدلاً عن (1) جنية قبل اسبوع ، مفارقات غريبة اوجدها ذلك الارتفاع حينما ترفض غريزة الانسان التي نشأت على تذوق السكر وفسح مساحة مقدرة له في الذاكرة جمالياً واستدعائه في مواقف الجمال وصفاً ، حينما يُصبح السكر سلعة تحفظ في البال عبارة (احذر السكر ) ! .

 وقد تواتر بان الازمة لم يكن لها من اساس أي ان السكر متوفر بالاسواق بل يفيض عن الحاجة ، غير ان احتكار السلعة لدى عدد محدد من التجار يتحكمون بالسوق اينما ووقتما ارادوا كان سبباً رئيساً في تلك الزيادة (المرة) .

احتكار السلع الضرورية والمكملة لحياة الفرد والتي لاغنى له عنها في الاستخدام اليومي يُشكل لتلك السلعة مقياساً لتُصبح من السلع الاستراتيجية وتاخذ جانباً سياسياً في كثير من الاحايين ، إذ أن السكر من السلع التي يتحتم على كل فرد استخدامة بشكل يومي وارتفاعه بتلك النسبة والشكل (المباغت) يجعل من المواطن عرضة (لصدمة سكر) ، وهي صدمة ربما تؤدي بصاحبها إلى طريق محفوف بالمخاطر او تدخله في إطار فقدان السوائل بشقيها النقدية والغذائية وفي كلا الحالتين المواطن يقع بين مطرقة الغلاء وسندان الندرة التي يفرضها العامل الأول .

وتحضرنا في هذه القفزة الخيالية ، القفزات التي تفرد بها سعر الذهب وارتباطه في مضمون اهميته بسلعة السكر فكلاهما اصبحا مسار اهتمام المواطن عبر المراقبة المتوجسة من ان يكون افق الارتفاع اكثر من ذلك فالذهب احجم الكثيرون من عامة الشعب من اقتنائه او الاقتراب من فكرة الشراء ، وهاهو (السكر) يابى الا وان يوثق ارتباطه بالذهب .

ومن الاشياء التي تدعوا للوقوف عندها طويلاً أن المسئولين عن صناعة السكر قد رموا باللائمة على تجار السكر من خلال تحكمهم في السلعة وتحريك السوق بشكل يمكنهم من تحقيق مكاسب سريعة مع الوضع في الاعتبار بان الكميات المطروحة (8000) ثمانية الاف طن في الاسبوع لم تتغير منذ ابريل الماضي وهي تُلبي حاجة السوق وانه ليس هنالك مبرر للزيادة ، والتجار بدورهم اشاروا إلى أن الأزمة لم تبدأ من عندهم بل ان كميات السكر المطروحة في السوق غير كافية وهي التي أدت لتلك الارتفاعات ، ليبقى المواطن هو الحلقة الاضعف في تلك المعادلة ! .

وهذه لمحة سريعة عن انتاج السكر بالسودان ، فقد بدات صناعة السكر في السودان عام 1962م ، وتوجد حالياً بالبلاد حوالي خمسة مصانع لإنتاج السكر وتبلغ طاقتها الإنتاجية حوالي 670 الف طن متري .

وفي إطار التصدير والاستهلاك المحلي فقد دخلت قطاعات انتاج السكر السوداني في عقود طويلة الأجل لتصدير السكر في وقت ظل فيه العرض متأثرا بعمليات تهريب يصعب تقدير كمياتها وبالتالي يصعب تقدير ماينبغي تخصيصه للسوق المحلي وماينبغي تخصيصه للتصدير اما بالنسبة لنمط الاستهلاك الداخلي فهو ايضا غير منفصل بشكل او بآخر عن مفهوم العرض والطلب ، حيث يشتهر المستهلك السوداني بافراطه في استخدام السكر ومن ذلك تتضح اهمية السلعة بالنسبة للمواطن . وفطنة البعض في استغلال تلك الحاجة بتحريك السوق وفق آلية لا تستند إلى أي منطق سوى منطق المصلحة الفردية ! .