- كثرت شركات التأمين المدرجة في السوق المالية منذ 2006 إلى اليوم، لكن الكثير منها لا تستطيع الاستدامة لأسباب مالية وإدارية. تسود عالمنا الاقتصادي اليوم فلسفة قوية مضمونها أن التكتلات والشركات الكبيرة تستطيع مواجهة التحديات والمنافسة المحلية والإقليمية والعالمية من خلال العديد من الإستراتيجيات المدروسة، لذلك نرى أنماطًا من التنظيمات والأشكال لحماية مصالحها، خاصة عندما لا تستطيع حماية استدامتها منفردة.
- يوجد في السوق المالية السعودية 33 شركة تأمين بعضها متعثرة؛ حيث أدرجت 20 شركة منها في السوق المالية بعد انهيارها في 2006. بعض هذه الشركات لم تحقق أرباحًا تستحق الذِّكر حتى الآن لأسباب كثيرة منها ضعف التسويق، وعدم كفاءة إدارتها التنفيذية، وصغر حجمها وقلة السيولة؛ لذا أرى أهمية الاندماج بينها لتقليل الخسائر، وتحقيق النمو والربحية فيما بعد.
- الاندماج بين شركات التأمين في المملكة رؤية إستراتيجية تهدف لتحسين الأداء التنافسي لهذه الشركات من خلال التكامل بين شركتين لتكوين شركة واحدة تتآزر وتتكامل فيها قدراتها لبناء قدرات تنافسية أكبر مما هي عليه قبل اندماجها. القوة التآزرية من خلال الاندماج تساعد الشركات على النجاح والبقاء والاستمرار والاستدامة في السوق، لكنها قد لا تنجح عندما لا تتوافر الظروف المناسبة للاندماج.
- يضيف الاندماج قوة مالية وميزات تنافسية أخرى تساعد شركات التأمين بشتى أحجامها على النمو والاستدامة، بل يساعد الكبيرة منها على مواكبة التغيّرات والمنافسة في الأسواق العالمية لتضيف قيمة مضافة للاقتصاد، وذلك من خلال أنظمة تحميها من الإغراق والاحتكار والمنافسة غير العادلة، وتشجّع على المؤازرة الإستراتيجية.
- إن ما نشهده اليوم من تغيّرات اقتصادية عالمية تتطلب المزيد من التفاعل الإيجابي الذي يزيد شركات التأمين المحلية قوةً وثباتًا لبناء منافسة مستدامة، من هذا المنطلق يُعد الاندماج بين شركات التأمين أساسيًّا للتكامل الذي يزيدها قوة تساعد على تنمية حصتها بين الشركات المنافسة.
- تُعدُّ رسالة التأسيس للشركة الأساس لنجاح الاندماج بينها وبين شركات أخرى؛ لأن تجانس الرسالة المؤسسية يزيد نسبة نجاح الاندماج. وتناسق الثقافة المؤسسية للشركتين المندمجتين في ثقافة مؤسسية واحدة يعتبر خاصية أساسية لنجاح الاندماج بينهما، لذلك يجب أن تتقارب هذه الثقافة لدعم الاندماج. ومن الأهمية أن يكون الاندماج هادفًا يحقق المكاسب للشركتين المندمجتين، ويضيف قوة أكبر مما كانت عليه الشركات قبل اندماجها. وللهيئة الإدارية دور أساسي في تسهيل الاندماج، وتفعيل خطة الاندماج التي تحقق الأهداف المأمولة منه. وتشير الدراسات في الدول الصناعية المتقدمة إلى مساهمة إدارة الشركات المندمجة في فشل الاندماج بينها؛ بسبب الصراعات حول أهدافها وسياساتها وطريقة إدارتها، وكيفية صناعة القرار والثقافة المهيمنة على الكيان الجديد بعد الاندماج.
- الاندماج الذي لا يحقق القيمة المضافة والأهداف المأمولة يضعف الكيان الجديد، ويساهم في إفلاسه، لذلك يجب على القائمين على عملية الاندماج تقييم عملية الاندماج بعد فترةٍ معقولةٍ لقياس هذه القيمة، الاندماج الذي لا يزيد في القيمة المضافة يصبح تكلفة على الكيان الجديد الذي تكوّن بالاندماج.
- قد تقوم الشركة بإعادة هيكلتها للتخلص من العناصر التي لا تساعدها على تحقيق الأهداف من الاندماج، بحيث تُنهى خدمات بعض الموظفين الذين لا يساهمون في تفعيل الاندماج، لذلك أرى أهمية صياغة ثقافة جديدة لا تهيمن عليها أي من الثقافتَين للشركتَين المندمجتَين قبل اندماجهما، بل تتبنى ثقافة مؤسسية تناسب الهيكلة الجديدة في ظل الاندماج.
- وفي الختام.. أود التأكيد على منع قيام الاندماج الذي يؤدي إلى الاحتكار وتدني جودة التأمين عندما يقل عدد الشركات المتنافسة؛ لذا لابد لنظام حوكمة الشركات من تنظيم الاندماج لخدمة الاقتصاد.
نقلا عن اليوم