مع موجة التصحيح التي عصفت بالأسواق المالية المحلية والعالمية، تراجعت قيمة التداولات إلى أدنى مستوى لها خلال العام الجاري 2012. وفي السوق المحلية تراجعت قيمة التداولات في ختام منتصف العام إلى 129.2 مليار ريال في شهر حزيران (يونيو) الماضي، وبنسبة تراجع بلغت 20.6 في المائة مقارنة بقيمة تداولات السوق المحلية في شهر أيار (مايو) الماضي. وكانت السوق المالية السعودية TASI قد حققت أعلى تداولات شهرية هذا العام في شهر آذار (مارس) إذ بلغت 319.3 مليار ريال، تراجعت في نيسان (أبريل) إلى 270.1 مليار ريال، وواصلت تراجعها في أيار (مايو) إلى 162.8 مليار ريال.
أدى تراجع قيمة التداولات في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) الماضيين إلى تراجع قيمة التداولات في الربع الثاني من العام الجاري إلى معدل 187.4 مليار ريال شهرياً، وبنسبة تراجع بلغت 18 في المائة، مقارنة بمعدل الربع الأول البالغ 228.3 مليار ريال شهرياً. وبتحليل السيولة وتوجهها نحو القطاعات، أظهر التحليل توجه السيولة نحو القطاعات الآمنة، وتراجعها في قطاعات المضاربة، ولا تزال محجمة عن القطاعات الاستثمارية. وفيما يتعلق بالقطاعات الآمنة، ذات البيتا المنخفضة، ارتفع نصيب قطاع المصارف من قيمة التداولات خلال الربع الثاني إلى 9 في المائة، بعد أن كان نصيبه منها 7.8 في المائة في الربع الأول، و3.4 في المائة فقط في الربع الأخير من العام الماضي. كذلك شهد نصيب قطاع الأسمنت من قيمة التداولات ارتفاعاً بلغت نسبته 6 في المائة في الربع الثاني بعد أن كان نصيب القطاع منها في الربع الأول 3 في المائة فقط. أما قطاع الاتصالات فقد ارتفع نصبيه إلى 13.8 في المائة في الربع الثاني بعد إن كان نصيبه 3.2 في المائة فقط في الربع الأخير من العام الماضي، وارتفع في الربع الأول إلى 7.3 في المائة. أما قطاع البتروكيميات، القطاع الاستثماري القائد، فقد أظهر تحليل السيولة بقاء سيولته أقل من معدلها المشجع استثمارياً، على الرغم من ارتفاع نصيب القطاع من 12 في المائة في الربع الأول إلى 16.3 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، ولم يشهد نصيب القطاع ارتفاعاً خلال النصف الأول من العام الجاري، على الرغم من بلوغ قيمة التداولات معدلات قياسية هذا العام مقارنة بالعام الماضي والذي قبله. أما قطاعات المضاربة فقد تراجع نصيبها من قيمة التداولات بشكل لافت وملاحظ، حيث تراجع نصيب قطاع التأمين من 28 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، إلى 20.2 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، ثم إلى 15.8 في المائة في الربع الماضي. كما تراجع نصيب قطاع الزراعة إلى 5.4 في المائة في الربع الثاني، مقارنة بـ 7.6 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي 12.3 في المائة. أما قطاع التجزئة فقد تراجع من 3.3 في المائة في الربع الأول إلى 1.9 في المائة في الربع الثاني. وكذلك هي الحال في قطاع التشييد الذي تراجع إلى 4.8 في المائة، وقطاع الاستثمار المتعدد إلى 4.5 في المائة من قيمة التداولات في الربع الثاني من العام الجاري، بينما استقرت أنصبة القطاعات الأخرى عند معدلاتها. يذكر أن معدل التداولات اليومية قد انخفض في شهر حزيران (يونيو) الماضي إلى 6.15 مليار ريال يومياً، مقارنة بالمعدل اليومي للسوق السعودية في أيار (مايو) المقدر بـ 7.4 مليار ريال يومياً، أما قمة التداولات اليومية فقد كانت في آذار (مارس) الماضي، التي بلغ فيها معدل التداول اليومي 15.2 مليار ريال، وتراجع في نيسان (أبريل) 12.3 مليار ريال يومياً. ويعد تراجع السيولة وقيمة التداولات في السوق المالية المحلية عاملاً مؤثراً في تراجع مؤشر السوق المالية السعودية TASI، الذي هوى من قمة 7930 نقطة التي حققها في مطلع تداولات نيسان (أبريل) الماضي، حقق بها المؤشر مكاسب بلغت 22 في المائة من قيمته، مقارنة بإغلاق 2011، قبل أن تتراجع مكاسبه إلى 4.5 في المائة بنهاية حزيران (يونيو) 2 في المائة هي مكاسب السوق في جلسة اليوم الأخير من شهر حزيران (يونيو) نفسه. فنياً لا يمكن الاطمئنان إلى مسار السوق المالية المحلية الصاعد في ظل تراجع السيولة، وبقاء مؤشر السوق تحت متوسطاته المتحركة، الذي اخترق واحداً منها صعوداً، متوسط الـ 200 يوم، في مطلع تداولات شهر تموز (يوليو) الجاري. ويبقى التنبؤ بمسار السوق المالية المحلية نحو الصعود يعد ضعيفا في الفترة الحالية، إلا أن السوق قد تحافظ على مسار أفقي لها في الفترة القادمة تفاعلاً مع محفزات السوق المالية، في ظل تحسين أرباح الشركات المتداولة في السوق المالية، باستثناء تراجع أرباح قطاع البتروكيميات نظراً لتراجع أسعار النفط.