قراءة إقتصادية ‏

19/06/2012 2
زاهر الحاج

يمر الإقتصاد السوداني بمرحلة مفصلية وهامة في مسيرته ، إذ عجز النمو ، ونمى العجز ، وتقف آليات الدولة عاجزة أمام هذا التحدي الذي لايعني الحكومة لوحدها بل هو هم قومي ، تتناسى فيه جميع الوان الطيف السياسي والحزبي في السودان توجهاتها وإتجاهاتها ويجد الوضع اهتمام الأمة السودانية قاطبة ، إذ تقف التحديات الراهنة من إنفصال للجنوب ، وإندلاع حرب "الاستنزاف " الموجهة من قِبل الدولة الوليدة حائط صد امام تقدم الاقتصاد وإزدهاره على الأقل خلال المرحلة الراهنة ، وقد كان مخططا أن يتعافى الإقتصاد ، ويبدأ في رحلة النمو بعد إنفصال الجنوب تدريجيا ، غير أن التحديات والمواجهات عطلت كثيرا من تلك الخطط بل أوقفتها إلى أجل غير مسمى .

وفي هذا الصدد فإن الدولة تحاول جاهدة الخروج من هذا النفق الغير محدد المعالم ، عبر استراتيجية إصلاح ، تبدو في ظاهرها معاناة تُضاف إلى معاناة الشعب ، غير انها الحل الانجع كخطة استقرار للإقتصاد على المدى القريب ، وهي استراتيجية رفع الدعم عن مخرجات البترول رغم انها علاج حاد وكي مؤلم ، غير انها ستُرمم جدار الإقتصاد وتجنبه الإنهيار التام .

مرورا بتطبيق برنامج إصلاح هيكلي شامل متوسط الأجل يهدف لتعزيز الاقتصاد علي ضوء الإمكانيات الاقتصادية والمالية المتاحة للبلاد ، كما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له عن الوضع الإقتصادي في السودان على ضوء التغيرات الراهنة ، فإن الإقتصاد في تراجع مستمر ولابد من حلول إسعافية عاجلة لإنعاشه .

وتتمثل آلية الإصلاح الهيكلي في تقليص التمدد الافقي لأجهزة الدولة تخفيفا لاوجه الصرف الغير مبرر ، على كماليات تستنزف خزينة الدولة وتنهك الإقتصاد ، بالإضافة تفعيل آليات الكشف عن الفساد ومحاربته وإعادة تقييم للوضع الإقتصادي لكثير من مؤسسات الدولة وأذرعها حتى لا تُصبح نقطة ضعف يتسلل منها العجز إلى مفاصل الدولة وإقتصادها .

ويلي ذلك التشجيع للزراعة والمزارعين والإلتفات إلى هذا المصدر الهام ، إذ أن الزراعة هي المخرج المجزي في المدى المتوسط إذا ما استمر الوضع على ماهو عليه ، وهنا لابد من ان تتحد جهود الحكومة والمواطنين لإنتاج زراعي يجنب الإقتصاد اللجوء إلى البدائل المكلفة والغير مضمونة من استدانة ، إلى التركيز على المعادن الغير مستقرة لتفاوت إنتاجها ، والذي لايعُتمد عليه في إنعاش الإقتصاد والدفع به إلى النمو ، وهنا يأتي دور الدولة كمشجع للمزارعين عبر التمويل وتسهيل الحصول على الأراضي لزراعتها ، ودعم المحروقات "للمزارعين" حتى يتمكنوا من إنتاج ذو عائد مجزي للمزارع والمستهلك ، بالإضافة إلى فتح نافذة التصدير بآليات مدروسة ومخطط لها .

تشجيع سبل الاستثمار العربي في مجال الزراعة ، وهنا تكمن اولى اسباب الخروج من هذا النفق على المدى المتوسط والبعيد ، وقد بدأت بوادر ذلك من خلال الاستثمار السعودي ، الذي يبلغ حجم الاستثمار في المجال الزراعي فقط في السودان ما قيمته 4.3 مليار دولار ، فلم لا تتسع رقعة الاستثمار السعودي ، والخليجي بشكل عام في السودان مع توفير بيئة مستقرة وآمنة ، مع توافر الظروف الطبيعية من مياه واراضي زراعية خصبة صالحة للزراعة .

المرحلة التي تمر بها البلاد تحتاج إلى صبر المواطن ، واجتهاد الدولة ومراعاة حال المواطن الذي قدم الدعم والمساندة للدولة وما بخل في كافة المحافل وما زال على عهد الولاء وامل الازدهار والنماء ، وتحتاج اكثر ما تحتاج إلى ضمير المسئول كل في موضع مسئوليته للخروج من هذا الوضع بفوائد تعود على الوطن والمواطن بالخير ، وتستقر بأوضاعه .