وعي المجتمع رافد أساسي للتنمية والإصلاح

21/05/2012 0
سعود الأحمد

لا أدري لماذا نحن في الدول النامية أقل حماسا للدفاع عن الحق العام؟! نرى الخطأ والمخالفة ونعلم أن هناك نظاما يجرمهما وعقوبات واضحة تنطبق على مرتكبيهما وتوجه من الحكومة ممثلة في القيادة لمواجهتهما، ومع ذلك لا نجد الحماس ولا الحافز للدفاع عن الحقوق العامة. بينما تجد الدول الأخرى يتشبث الواحد منهم بأي لائحة أو نظام لكي يدين من يخطئ في حق الصالح العام. وإذا لم يكن هناك نظام، فإنه يسعى بكل ما أوتي من قوة ليتابع مع الجهات التشريعية لإصدار ذلك النظام.

والغريب المحير في هذا الأمر أن الجذور الوطنية لبعض هؤلاء المتحمسين أضعف بكثير مما يربطنا بمجتمعاتنا وأراضينا. فتجد الأميركي من أصل صيني أو كوري أو أوروبي أو أفريقي، ومع هذا يتحدث عن مصلحة أميركا وكأنه يملكها بصك شرعي ورِثهُ كابرا عن كابر! وتراه يُخلص لها ويتابع مصالحها كأنه المعني بكل شيء يتعلق بمصالحها. ولن أضرب لكم أمثلة على ذلك لأن ما عند القراء يفيض به الكيل من المشاهدات والروايات، لكنني أتحسر على ذهاب روح المسؤولية عند بعضنا.. وأسأل نفسي وأسألكم عن السبب! فلو أن كل مواطن شعر بمسؤوليته وواجباته تجاه دعم الجهود لمكافحة الفساد، فإننا سنختصر الوقت والجهد ونحقق أفضل النتائج الإيجابية. ولو أن الهيئة العامة لمكافحة الفساد تبنت برامج توعية وآليات مناسبة تحفز المواطن على التعاون معها لمكافحة الفساد، فإن الهيئة ستصل إلى ما تريد بأقل التكاليف وأقصر الطرق.. وسيتوج هذا النجاح لها ويُخلد مكتوبا بماء الذهب. ولعلي أتذكر يوم أن أطلق الأمير نايف بن عبد العزيز، ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، عبارته المشهورة قبل قرابة عشرة أعوام: «المواطن هو رجل الأمن الأول»، وكيف استنهض بذكائه حس المواطن العادي وحصل ما حصل من مبادرات لا حصر لها في مجال مكافحة الجريمة ومخططات الإرهاب بوجه خاص. صحيح أن هناك مجهودات لا تنكر للهيئة لجذب الناس للتعاون معها، لكنني أجد أن هناك فجوة بين ما يتم فعله وما يجب أن يُفعل.

وفي مجال مكافحة الفساد الإداري والمالي.. فإنني أعلم (شخصيا) أن هناك مدارس في بعض الأحياء أساساتها مبنية منذ خمسة أعوام ومتوقفة منذ ذلك الحين، والجهات المعنية. واعلم أن هناك مدارس حكومية مستأجرة مبانيها، ومقاسات غرفها، مقارنة بالحاجة ومستوى تكييفها، في حالة يرثى لها. وليس هذا فحسب، أدخل قبل فترة على مدير فرع إحدى الجهات الحكومية (التي في طريقها للتخصيص) فأجد مكتب المدير بمكان مبني أساسا على أنه مطبخ! وأعلم في بعض الحياء أن هناك توصيلات مياه ليس بها عدادات والماء فيها من التحلية، وليس لدى شركة المياه آلية فاعلة للبحث عن هذه التوصيلات الضائعة والمياه المهدرة.

المهم هنا.. أسأل نفسي: هل أتصل على الجهات المعنية لطلب حل هذه المشكلات ومن ثم المتابعة؟ أم أتصل على الهيئة العامة لمكافحة الفساد المالي والإداري؟ وأصدقكم القول: لا أجد إجابة في ظل مشاغل الحياة.. وتمر الأيام والحال على ما هي عليه، هذا وإن كنت أعتبر نفسي على قدر من الوعي، ولا أشك أن وعي المجتمع رافد أساسي لدعم التنمية والإصلاح.