يبدو من تعثر التصويت على ميزانية الخطة السنوية من قبل أعضاء مجلس الأمة، أن هناك التباساً حول مشاريع الخطة وجدواها.. ومن دون شك فإن تعطل التصويت سيؤدي إلى وقف التمويل اللازم لهذه المشاريع المعتمدة في الخطة، سواء كانت مشاريع تعليمية أو صحية أو مرافق أو بنية تحتية.. لكن ما أثير في جلسة الأربعاء 25 ابريل في مجلس الأمة حول الخطة السنوية الثالثة، يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار، خصوصاً ما أثاره العضو مرزوق الغانم.. ان إنجاز الخطة يتطلب استيعاباً لجميع القوانين والأنظمة حتى يأتي الإنجاز متوافقاً مع الأهداف الاستراتيجية للتنمية.
صحيح أن إنفاق الأموال المخصصة للخطة أقل مما هو معتمد، أو مخطط له، لكن أهم من ذلك هو كيفية توظيف الموارد الوطنية من أجل تحقيق تلك الأهداف وتجاوز الاختلالات الهيكلية. وما أثير حول الاعتماد على الإنفاق العام وإغفال دور القطاع الخاص يؤكد استمرار تعطيل دور هذا القطاع.
كما أن بيانات البنك المركزي تؤكد أن القطاع المصرفي لم يتمكن من تمويل مشاريع الخطة على الرغم من ارتفاع السيولة في قنواته التي لا تجد منافذَ ائتمانية لها، بعد أن جرى التأكيد على الاستفادة منها في تمويل مشاريع الخطة.
ويفترض أن يعمل، من خلال تنفيذ الخطة، على تطبيق قانون التخصيص والدفع من أجل قيام القطاع الخاص بتنفيذ وتملك مشاريع المرافق مثل الكهرباء والاتصالات الثابتة والموانئ والإسكان.. كما أن قانون الـB.O.T مازال يعطل من قدرة شركات القطاع الخاص لإنجاز كثير من المشاريع التي تتضمنها خطة التنمية، مما يؤكد أهمية التقدم بتعديلات مستحقة عليه.
أما ما طرح في تلك الجلسة بشأن تراجع أعداد العاملين الكويتيين لدى القطاع الخاص فإن ذلك يعني فشل جميع الجهود والمحفزات التي نطمح الى رفع عمالة القطاع الخاص من الكويتيين.. وفي تقديري، أن هذا التراجع يمثل أهم انتكاسة للخطة التنموية، حيث لا يعقل الاستمرار في الاعتماد على التوظيف لدى الحكومة، الذي لا يعني سوى زيادة أعداد البطالة المقنعة، التي تتزايد كلفتها على الخزينة العامة. لا ريب أن إقرار الزيادات في الرواتب والأجور من قبل الحكومة وتعزيز حقوق الكوادر من قبل نظام الخدمة المدنية لن يساهما في دفع المواطنين للالتحاق بالعمل لدى القطاع الخاص.
وربما لن يكون من الممكن تطوير مشاركة العمالة الوطنية في القطاع الخاص من دون إنجاز تعديلات على البرامج التعليمية وتعزيز مناهج وأنظمة التعليم المهني في البلاد. في الوقت ذاته لن أتصور قدرة لدى القطاع الخاص على الارتقاء بإمكانات توظيف المواطنين من دون زيادة رقعة مساحة عمله من خلال برامج التخصيص.
قد يكون مهماً اعتماد الخطة السنوية الثالثة من أجل إنجاز المشاريع التي اعتمدت وتم التعاقد على تنفيذها. لكن يمكن، أيضا، إجراء مراجعات موضوعية للخطة وفلسفتها والتأكد من مدى واقعيتها والتحقق من القدرات الاستيعابية في البلاد.. في الوقت ذاته يجب الإقرار بأن الكثير من الطرح الذي يذكر في مجلس الأمة قد يكون سياسياً وغير ذي جدوى وأهمية، ولذلك فإن المطلوب أن تتدارس الجهات الحكومية المختصة مع اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة مفاهيم الخطة وبرامجها وكيفية تنفيذها مع الأخذ بنظر الاعتبار الأهداف الاستراتيجية للبلاد والقدرات والإمكانات المتاحة لدينا.
ويفترض أن تكون هذه الخطة مكوناً من مكونات التنمية الاستراتيجية، التي تتجاوز المدى الزمني المحدد للخطة الراهنة.