الجدية في تنفيذ خطة التنمية القادمة

02/10/2014 3
خالد الفريان

** اعتمد مجلس الوزراء الموقر خطة التنمية العاشرة للمملكة، بذات الصيغة التي وافق عليها مجلس الشورى، بناء على جهد مكثف قامت به وزارة الاقتصاد والتخطيط، بالتنسيق مع 70 جهة حكومية في المملكة تغطيها الخطة، ويفترض أن يبدأ تطبيقها اعتبارا من 1 يناير 2015 م وتستمر حتى نهاية 2019، وقد نصت الخطة على 24 هدفا استراتيجيا معظمها أهداف متميزة بخاصة أنه مع كل هدف سياسات محددة وبرامج ومشاريع لتنفيذ كل هدف، ومقاييس اداء كمية لكل سياسة، وهذا تطور إيجابي يميز الخطة التنموية الخمسية هذه المرة.

** لكن بعض القراء سيقولون – كما كثير من المتخصصين المتابعين – بأن المهم هو التنفيذ على أرض الواقع، بعد تجارب طويلة مع خطط تنموية لم ينفذ الكثير منها، ما شكل ارثا كبيرا من الاحباط وعدم الحماس للخطط التنموية وأهدافها، ومنها مثلا هدف تكرر في جميع الخطط، وهو التنمية الاقليمية المتوازنة، حيث بقي طويلا حبرا على المجلدات الضخمة للخطط الخمسية، التي يشعر كثيرون أنه لا أحد يقرأها وبخاصة مسؤولي وزارة المالية، فضلا عن تنفيذها، علما أنه حدثت في السنوات الأخيرة عدة خطوات مهمة نحو التنمية الاقليمية المتوازنة مثل تأسيس الجامعات في جميع مناطق المملكة، وربط كافة المناطق بشبكة القطارات والعديد من المشاريع الكبيرة الأخرى، التي ستسهم في تنمية هذه المناطق، ولازال من المؤمل زيادة هذه المشاريع كماً وكيفا.

** من الأهداف المهمة في الخطة حل مشكلة السكن عبر عدة سياسات من ابرزها (( تشجيع زيادة المعروض من الأراضي السكنية ووضع تنظيمات للحد من ظاهرة الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني)) وفي هذا السياق من المهم فرض غرامات يدفعها أصحاب لأراضي غير المطورة داخل النطاق العمراني وأعيد ما طالبت به وهو: بما أن هيئة كبار العلماء أحالت الموضوع للمجلس الاقتصادي الاعلى بحكم الاختصاص، فإننا نرجو من المجلس إقرار هذه الغرامات، لأن عدم حسم الموضوع بسرعة، سيعطي انطباعا غير صحيح عن عدم الجدية في تنفيذ أهداف خطط التنمية المعلنة، وإيجاد حلول عملية لمشاكل الإسكان، لا تحتاج كل هذه اللفة الطويلة بين المجالس والهيئات.

** ختاما فإنه من وجهة نظري أهم هدف نصت عليه خطة التنمية الجديدة هو (تعزيز مسيرة الإصلاح المؤسسي ودعم مؤسسات المجتمع المدني) وإن تم تنفيذ ذلك الهدف عمليا، فإن معظم الاهداف الأخرى وبقية السياسات ستتحقق تلقائيا، في وقت أنعم الله فيه على المملكة بثروات هائلة تساعدها على حل مشاكلها، المتعلقة بالفقر والبطالة والاسكان والصحة والتعليم، بكل يسر وسهولة وجودة عندما يتحقق هذا الهدف.

** دعونا كمواطنين نتفاءل هذه المرة بهذه الخطة المتميزة عن سابقاتها، و "الدعوات" بالتأكيد لا تكفي وحدها، ولكنها تحتاج حراكا جادا وسريعا، وقرارات من أعلى المستويات، لدعم أهداف الخطة، ومراقبة أداء الاجهزة التنفيذية بشكل سنوي وفقا لمؤشرات الاداء الكمية لقياس مدى تطبيق كل سياسة نحو تحقيق تلك الأهداف، ويجب هنا تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، ومجلس الشورى ومنحه صلاحيات أقوى وأوسع للقيام بدور أكبر في متابعة تنفيذ خطة التنمية، فهذه المتابعة والمراقبة والمحاسبة يجب ألا تتم من داخل الجهاز التنفيذي نفسه.

نقلا عن الرياض