تواصل سيولة السوق المالية مسيرتها الصاعدة محققة أرقاما قياسية لم تشهدها السوق السعودية في تداولات السنوات الأربع الماضية .
فبعد قيمة التداولات التي بلغت 16.1 مليار ريال في الثلاثاء الثامن والعشرين من فبراير الماضي ، وهي السيولة التي لم تشهدها السوق على المستوى اليومي منذ فبراير 2008 م ، عاد قيمة التداولات في الثلاثاء الماضي لتحطم هذا الرقم ، وتسجل رقما جديدا في قيمة التداولات اليومية بلغ 16.46 مليار ريال , وهو الأعلى منذ الثاني من فبراير 2008 م التي تداولت فيه السوق 16.75 مليار ريال .
وعلى المستوى الأسبوعي ، بلغت قيمة تداولات الأسبوع الماضي 75.1 مليار ريال متجاوزة تداولات الأسبوع الأول من مارس الجاري البالغة 64.75 مليار ريال بـنسبة 16 في المائة . ليرتفع بذلك معدل التداول اليومي في شهر مارس إلى 14 مليار ريال ، مرتفعا بنسبة 2.9 في المائة عن معدل التداول اليومي لشهر فبراير الماضي والمقدر بـ 10.85 مليار ريال ، والذي حققت فيه السوق المالية أكثر من 210 مليار ريال قيمة التداولات في الشهر نفسه ، محطمة رقمها الشهري في يناير الماضي الذي تجاوزت فيه قيمة التداولات 155.5 مليار ريال ، بعد أن معدل الربع الرابع في العام الماضي 107.5 مليارات ريال .
وبتحليل قيمة التداولات وتوزيعها على القطاعات ، يتضح توجه السيولة نحو القطاعات الآمنة ، وهي القطاعات التي يقل فيه معامل المخاطرة " بيتا " عن الواحد الصحيح ، مثل قطاعات المصارف والاتصالات والطاقة والاسمنت .
فقي تداولات الأسبوع الماضي ارتفع نصيب قطاع المصارف إلى 8.9 في المائة بعد أن كان معدله في الربع الرابع من العام الماضي 4.9 في المائة ، وارتفع نصيبه من قيمة التداولات في شهر يناير إلى 5 في المائة ، وإلى 7.6 في المائة في شهر فبراير الماضي .
أما قطاع الاتصالات الذي كان معدله من قيمة التداولات في الربع الرابع من العام الماضي عند 3.2 في المائة ، فقد ارتفع نصيبه إلى 4.8 في المائة في يناير ، وإلى 5.5 في المائة في فبراير ، كما ارتفع نصيبه إلى 6.75 في المائة في تداولات الأسبوع الماضي .
أما قطاع الطاقة ، والذي يحوي سهمي " الكهرباء " و" الغاز " فقد قفز نصيبه من قيمة التداولات في الأسبوع الماضي إلى 2 في المائة ، بعد أن كان نصيب القطاع في الربع الرابع من عام 2011م 0.5 في المائة فقط ، وارتفع نصيبه في فبراير الماضي إلى 1.3 في المائة .
أما قطاع الأمان الرابع " الاسمنت " فلم يزل عند نصيبه من قيمة التداولات والمقدر بـ 2.8 في المائة في الربع الرابع ، حيث كانت له النسبة نفسها نصيب من قيمة تداولات الأسبوع الماضي . بيد أن قطاع التطوير العقاري حل محله بارتفاع نصيبه من قيمة تداولات الأسبوع الماضي إلى 13.9 في المائة مقارنة بنصيب القطاع العقاري في الربع الرابع من عام 2011 م والمقدر بـ 5.4 في المائة .
وفي الوقت الذي تضاعف فيه نصيب قطاعات الأمان من قيمة التداولات من 8.6 في المائة إلى 17.7 في المائة من قيمة تداولات الشهر الجاري ، تراجع نصيب قطاعات المضاربة والمخاطرة في السوق المالية السعودية من قيمة التداولات نفسها .
فقطاع التأمين الذي كان يحتل النصيب الأكبر من قيمة التداولات في الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 28 في المائة ، تراجع إلى 16.3 في المائة من قيمة تداولات الأسبوع الماضي ، كما تراجع في يناير إلى 22.5 في المائة ، وإلى 24 في المائة في فبراير الماضيين . يذكر أن نصيب قطاع التأمين في شهر أكتوبر ونوفمبر الماضيين بلغ 35 في المائة من قيمة التدوالات .
أما قطاع الزراعة فتراجع نصيبه من قيمة التداولات إلى 7.1 في المائة في الأسبوع الماضي ، بعد أن كان نصيبه في الرابع الرابع من عام 2011 م 12.3 في المائة ، واحتل من تداولات يناير 10 في المائة ، وفبراير 7 في المائة .
وبالنسبة لقطاع البتروكيماويات القائد للسوق المالية السعودية في عامي 2010 و 2011 م ، بعد تراجع قطاع المصارف عن القيادة ، فقد كان نصيبه من قيمة التداولات في الأسبوع الماضي 19 في المائة ، وهذه النسبة تعد منخفضة إذا ما قورنت بمعدل نصيب القطاع من قيمة التداولات في الربع الرابع من العام الماضية والبالغة 20 في المائة ، وهو القطاعات الذي كان يحتل 35 في المائة من قيمة التداولات في عام 2011 م حتى شهر أغسطس من العام نفسه .
فنيا يمكن تفسير توجه السيولة نحو قطاعات الأمان وعزوفها عن القطاعات الاشتثمارية وهدوئها في قطاعات المضاربة ، يمكن تفسير ذلك بأنه توقع لاستعداد المحافظ الكبيرة ، التي لا يمكنها الخروج من السوق ، لعملية جني أرباح قادمة ، تقلل فيها الخسائر . وبما أن مبدأ " التأريخ يعيد نفسه " من مبادئ التحليل الفني ، فقد يعيد التأريخ نفسه ، كما هي الصورة المتكررة لحركة قيمة التداولات التي سبقت عمليات التصحيح في تداولات سابقة . كما هي الحال في نهاية تداولات عام 2007 م ، التي كان معدل التداول اليومي في نهايتها 7.6 مليار ريال يوميا ، فقز مع مطلع عام 2008 إلى 12.8 مليار ريال ، وارتفعت قيمة التداولات اليومية إلى أعلى قيمة لها ، وهي 19.7 مليار ريال في تداولات السابع والعشرين من يناير 2008 م ، ثم هوى بعدها المؤشر من قمة 11600 نقطة التي حققها في الرابع عشر من يناير 2008 ، إلى قاع 4068 نقطة في مارس 2009 م .
ومن المتوقع في تداولات هذا الأسبوع أن يستمر مؤشر السوق المالية السعودية TASI في موجته الصاعدة ، متأثرا بموجة الصعود التي تشهدها الأسواق العالمية ، فمؤشر داو جونز الأمريكي الذي فشل تجاوز حاجز الـ 13000 نقطة في تداولات الأسبوع الأول من مارس الجاري ، نجح في تجاوزها في تداولات الأسبوع الماضي ، وكذلك الحال مع مؤشر نيكاي الياباني الذي نجح في تجاوز حاجز الـ 10000 نقطة ، أما مؤشر فوتسي الانجليزي فلم يزل قريبا من حاجز الـ 6000 نقطة ، بأداء ايجابي في تداولات الأسبوع الماضي .
وفي ظل التوقعات باستمرار موجة الصعود لمؤشر TASI ، إلا أنه ينبغي للمتداول الحذر في التداولات القادمة ، حيث تزداد المخاطرة كلما امتدت موجة الصعود ، فقد ينجح TASI في تجاوز مقاومة 7670 نقطة ، بدعم سهم " سابك " المتوقع له تجاوز مقاومة 107 ريالات ، نحو مقاومة 8188 نقطة . لكن على المتداول الذكي تحديد نقطة وقف خسارة مناسبة ، إذا ما غير المؤشر مساره الصاعد ، واتجهت السوق المالية لعملية جني الأرباح المتوقعة في أية لحظة تداول قادمة .
فنيا يمكن اعتبار تصحيح المؤشر من قمة 7670 نقطة إشارة ايجابية ، من شأنها خدمة مؤشر TASI لتحقيق مستويات قياسية في هذا العام 2012 م ، بعكس استمرار المؤشر في موجته الصاعدة حاليا ، وحتى لا تعيد حلقات مسلسل TASI 2008 نفسها في شاشة المتداولين .
تقرير جميل ، بارك الله فيك دكتور إبراهيم