أغلب مؤسسات التمويل الأصغر في الوطن العربي هي مؤسسات غير ربحية تعمل علي تحقيق تنمية مجتمعية و لا يخلف الحال كثيراً بالنسبة لأغلب مؤسسات التمويل الأصغر العالمية ولكن الأسئلة المطروحه للمناقشة هو كيف يقاس التأثير المجتمعي ( الأداء الإجتماعي ) لتلك المؤسسات؟ و هل يوجد مؤشر لقياس الأداء الإجتماعي لتلك المؤسسات ؟ و ما الذي حققته المؤسسات العربية في هذا المجال ؟ و غيرها من الأسئلة الأخري التي جاوب عليها خبير الأداء الإجتماعي لمؤسسات التمويل الأصغر في الوطن العربي الأستاذ عادل صدوق في حوار له مع موقع البوابه العربية للتمويل الأصغر حيث جاء بالحوار ما يلي :-
في ظل الإهتمام المتصاعد بإستدامة مؤسسات صناعة التمويل الأصغر حاد ركب الصناعة نحو تحقيق الأهداف المالية وإهتم المحللون بالقياس الكمي و التحليل المالي وظل الحال هكذا الي منتصف العقد السابق حيث علت صيحات القائمين علي الصناعة بأنه يجب الإهتمام بالقياس الكمي و التحليلي للأداء الإجتماعي كما هو الحال في جانب الأداء المالي و ذلك للتأكد من تحقيق الرسالة الإجتماعية للصناعة و التي قامت في الأساس لتحقيقها و لقد استطاع موقع البوابة العربية للتمويل الأصغر عمل حوار مع خبير الأداء الإجتماعي علي المستوي العربي الأستاذ عادل صدوق عن موضوع الأداء الإجتماعي لمؤسسات التمويل الأصغر .
1. كيف بدأت و تطورت فكرة قياس الأداء الإجتماعي لمؤسسات التمويل الأصغر ؟
الأداء الاجتماعي بمفهومه الواسع جزء من التمويل الأصغر منذ انطلاقته. لا يجب أن ننسى أن التمويل الأصغر قد أتى كرد أو إجابة على قصور في صناعة التمويل بشكلها التقليدي.و يظهر هذا القصور جليا في تركيز البنوك والمؤسسات المالية التقليدية على النجاح المالي مع إغفال ما لهذا النجاح من أثر إجتماعي.
فكرة قياس الأداء الاجتماعي فكرة حديثة نوعا ما. وبدأت في التطور لحاجة هذه الصناعة إلى أدوات عملية توضح نجاحاتها في المجال المالي والاجتماعي. قياس الأداء الاجتماعي أتى كذلك في وقت أصبح العميل هو محور العملية التمويلية وبالتالي فمعرفة احتياجاته وتلبيتها أصبح يكتسي أهمية قصوى.
2. ما هي أسباب الاهتمام بالأداء الاجتماعي في مؤسسات التمويل الأصغر ؟
الاهتمام بالأداء الاجتماعي نابع من عدة عوامل:
o قياس الأداء المالي للمؤسسة لا يعطينا صورة كاملة عن مدى نجاحها. فرسالة مؤسسة التمويل الأصغر لا تتطرق للنجاح المالي كنهاية بل كوسيلة لتحقيق نجاح اجتماعي.
o تركيز مجموعة من المانحين وكذا المستثمرين على قياس الأداء الاجتماعي للمؤسسات كجزء من تحليل قدرة المؤسسات على استقطاب المنح والاستثمارات.
o صحوة العاملين في ميدان التمويل الأصغر الذين اكتشفوا أن الأداء المالي الجيد ليس بالضمان الكافي للإستمرارية.
3. ما هي التحديات التي تواجه مؤسسات التمويل الأصغر في تحسين أدائها الإجتماعي ؟و ما هي الإجراءات التي يمكن أن تتخذها إدارات مؤسسات التمويل الأصغر و تزيد من كفاءة أدائها الإجتماعي ؟
التحدي الأكبر الذي يواجه مؤسسات التمويل الأصغر في العالم العربي في إعتقادي هو غياب الإرادة لدى متخذي القرار. بالرجوع إلى النجاحات في هذا المجال الذي حققته مجموعة من مؤسسات التمويل الأصغر والتي يجب التنويه بها، فبالرجوع إلى هذه النجاحات فإنها لم تكن مكلفة وإنما أتت كنتيجة لتوافر الإرادة.
لقد قامت شبكة سنابل خلال ثلاث سنين الأخيرة بمجهود رائع لترجمة أهم ما كتب في هذا المجال وكذا تكوين مجموعة كبيرة من مستخدمي التمويل الأصغر في العالم العربي. وأظن أن مجموعة من المؤسسات التمويل الأصغر في العالم العربي لها من الكفاءات داخليا ما سيمكنها من زيادة كفاءة أداءها الإجتماعي وقياسه.
4. هل إتباع مبادئ حماية العميل سبب في تحسين الأداء الاجتماعي للمؤسسة ؟ و كيف يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر تحقيق ذلك ؟
اتباع يمكن من تحسين أداء مؤسسات التمويل الأصغر. لقد أتت هذه المبادئ لتوحيد نظرتنا إلى العميل واعتباره جزءا مهما من هذه العملية. لقد توصلت صناعة التمويل الأصغر أخيرا إلى أن حماية العميل جزء من حماية مؤسسة التمويل نفسها. لقد أظهرت الصعوبات الأخيرة التي واجهتها بعض المؤسسات وبعض الدول علي أهمية حماية العميل والتأكد من أن المنتجات المقدمة تضن نجاحه ونجاح المؤسسة.
5. من الجهات التي تحلل مخرجات مؤشرات قياس الأداء الإجتماعي للمؤسسة (المانحين و المستثمرين الإجتماعيين و المؤسسة ذاتها ) فكيف تقرأ و تحلل كل جهة من الجهات السابقة هذه المخرجات؟ و كيف يؤثر ذلك علي القرارات المستقبلية لهم ؟
أول مستفيد وأول مستعمل لمخرجات قياس الأداء الإجتماعي هي مؤسسة التمويل الأصغر نفسها. ذلك أن هذه النتائج تمكنها من تكييف سياستها ومنتجاتها. إن قياس الأداء الإجتماعي يعتبر أداة عمل يومية لكل مسؤول داخل مؤسسات التمويل الأصغر. يأتي بعد ذلك المانحون و المستثمرون الذين أصبحوا معنيين أكثر من أي وقت مضى بمطابقة أداء المؤسسة الإجتماعي لرسالتها. وسيقوى هذا الإتجاه أكثر خلال السنوات القادمة ، ذلك أننا نلاحظ اهتماما قويا من جهة المانحين الكبار.
6. ما هو مؤشر التقدم للخروج من دائرة الفقر (PPI) ؟ و كيف يتم تطبيقة ؟
طورت صناعة التمويل الأصغر مجموعة من الأدوات لقياس الأداء الإجتماعي. هذه الأدوات تنقسم إلى أنواع وذلك بالنظر إلى الغاية من هذه الأدوات:
o الأدوات التي تقيس مدى نجاح العملاء اجتماعيا وذلك باعتماد مجموعة من المؤشرات.
o الأدوات التي تقوم بتقييم الإجراءات المعمول بها ومدى مطابقتها للأهداف التي وضعتها المؤسسة
ويدخل ضمن الفئة الأولى. وتستمد مؤشرات هذه الأداة من بيانات دخل ومصروفات الأسر لكل دولة على حدة.
7. في ظل الثورات المتلاحقة في مختلف بلدان الوطن العربي تتعرض مؤسسات التمويل الأصغر العربية لأزمات حقيقية و عثرات مالية فهل يؤثر ذلك علي الأداء الإجتماعي لها ؟ و كيف تعمل تلك المؤسسات علي ان تكون أكثر فاعلية في مواجهة الفقر و تحقيق رسالتها الإجتماعية في ظل تلك الظروف؟
أظن أن هذه الثورات المتلاحقة في الوطن العربي ستقوي مؤسسات التمويل الأصغر إن هذه استطاعت أن تكون أكثر قربا من العملاء وتستمع إلى احتياجاتهم. مؤسسات التمويل الأصغر جزء من هذا المجتمع العربي وقوتها من قوة هذا المجتمع وتطوره.
8. هل نمتلك في الوطن العربي الكوادر الكافية لإدارة الأداء الإجتماعي في المؤسسات العربية ؟ و ما هو دور مؤسسات الدعم الفني المحلية ؟
معظم مؤسسات التمويل الأصغر ولله الحمد تتوفر على رغبة حقيقية لخدمة عملائها بالطريقة الأمثل (ولا أصدق على ذلك من تخفيض معدلات الفائدة لدى المؤسسات التي تحقق نموا أكبر) واهتمامها يتزايد بقياس الأداء الإجتماعي.
يجب على مؤسسات الدعم التقني مساعدة هذه المؤسسات وخصوصا توضيح مزايا قياس الأداء الإجتماعي لدى مجالس الإدارة و الإدارة العليا.
معظم مؤسسات التمويل الأصغر في العالم العربي هي عبارة عن منظمات غير ربحية وتمتاز بالقرب الكبير من العملاء.
أتمنى أن تستغل هذه المؤسسات كل ما تقوم به حاليا (وهي تقوم بعمل رائع في اعتقادي) من أجل بناء نظام لإدارة الأداء الإجتماعي يكفل لها قياس جودة هذه الخدمة وتحسينها عند الضرورة.