تترجم الاقتصادات الطموحة تطلعاتها بمزيد من النمو والاستقرار، وبما يوفر لها التواؤم والتوازن في محيطها الإقليمي والدولي، من خلال تطويرها المستمر لسياساتها الاقتصادية، وعبر مراجعة وتحديث هياكلها الداخلية المنظمة لنشاطاتها المتنوعة، والتي تتدخل أيضاً في تحديدها لمحددات الأداء الاقتصادي الكلي.
يظل الهدف النهائي هو رفع قدرة الاقتصاد الوطني بالاستغلال الأمثل لموارده المتاحة، وبأدنى التكاليف دون الإخلال بجودة وكفاءة المنتج النهائي! غير أن تسارع وتائر التغيير التي هبّت ولا تزال تهب على العالم بأسره، عملت على تقليص الفرص الزمنية المتوافرة أمام الاقتصادات؛ بما يؤكد على أن نجاح أو فشل أي من اقتصادات دول العالم يعتمد بالدرجة الأساسية على مدى تكيفها وتواؤمها مع تلك التطورات الكاسحة، وبنظرةٍ فاحصة في واقع الاقتصاد العالمي الراهن يمكن استشفاف حقيقة فرضت نفسها بصورةٍ تزداد وطأتها يوماً بعد يوم؛ إنه منطق التنافسية الذي قسم العالم إلى قسمين إما رابحون وإما خاسرون، وهذا ما عزز من أهميتها على الصعيد الدولي، وذلك بما تمثله من مفهوم واسع يشمل المتطلبات اللازمة لجني مكاسب سياسات التحرير الاقتصادي وفتح الأسواق والاندماج بفاعلية في الاقتصاد العالمي.
ويمكن تفسير زيادة أهميتها إلى هذه الدرجة، بعمق تغلغلها في المحتوى المعرفي والتقني والجودة والسياسات الكلية المحركة للاقتصاد سواءً من قبل الحكومة أو من القطاع الخاص.يجب التأكيد على أهمية إيجاد آليات تنسيقية فاعلة تربط بين توجّهات وجهود الحكومة وتطلعات القطاع الخاص، إنها قنواتٌ مهمة وضرورية لردم الفجوة غير المبررة بين سعي الحكومة الحثيث نحو تطوير الاقتصاد من جهة، والقدرات الضخمة التي يتمتع بها القطاع الخاص من جهةٍ أخرى، إنها «الحلقة الأقوى» التي ستدفع بالاقتصاد السعودي والمناخ الاستثماري لمزيد من تنوّع القاعدة الإنتاجية، وكفاءة عالية في الإنفاق، وأخيراً تنافسية متقدمة.