المضاربين في سوق الفوركس و في الأسواق المالية بشكل عام ، بحاجة إلى معرفة عامة بأساليب التداول ، و فهم عام لأهم مبادئ التّحليل الفني (الترند – الدعم – المقاومة – النّماذج السعرية) . دراسة التّحليل الفني و فهم معظم الادوات التي تفيد المضارب، يعتبر حجر الأساس ، و لكن لا يهم كثيرا إذا كنت تعرف كيف تستخدم هذه الادوات بدون ان تعرف كيف تضبط نفسك و كيف تتحكم في مشاعرك أثناء تواجدك في صفقة .
العامل النّفسي، يعد من أهم الادوات التي لن تجدها في اي منصة من منصات التداول، و لن تُقدّم لك كتوصية، و لكن تستطيع ان تدرّب نفسك على كيفية ضبط النفس . (معظم) البشر دائماً مندفعين، نرى ذلك واضحا بملاحظة سلوك فرد ما عندما يقع في موقف معين يتطلب قرار سريع ، و نحن كمضاربين، دائماً مطالبين بإتخاذ القرارات السّريعة سواء كنا خارج أو داخل السوق . فمثلاً : نحتاج أحياناً إلى ان نقرر بشكل سريع –قبل ان يتحرك السّعر- هل نقوم بالمتاجرة او ننتظر فرصة آخرى! و أحياناً نحتاج إلى ان نقرر هل نجني الأرباح و نخرج من مراكزنا المفتوحة، أو ننتظر، فربّما يكمل السعر في نفس الإتجاه و نجني المزيد من الأرباح! حسناً، لتنفيذ هذه القرارات بدقة، نحتاج إلى ان نبتعد عن العاطفة، و نحكم عقولنا فقط؛ لان المشاعر أو العاطفة، لا يمكن ان تتواجد في مثل هذه المواقف !
تعاملت مع بعض المضاربين، و كنت منهم (سابقاً) ، عندما يتحرك لون الصفقة من الأخضر إلى الأحمر، كعلامة على الخسارة العائمة، أو عندما تصدر أخبار سيئة على العملة التي يتاجرون عليها ، تتحول حالتهم من الحالة الطبيعية إلى : احمرار في لون الجلد - إرتفاع درجة حرارة الرأس(الرأس بالتحديد) - العصبية الشّديدة – الإنعزال التام – الحالة النفسية السّيئة .
و بعد دقائق قليلة، عندما يتحول لون الصّفقة إلى اللون الاخضر، يتحول المتاجر إلى ، و بدون مبالغة، أسعد إنسان في الوجود!
ربّما يتصرف بعضهم بالخروج بشكل مباشر من السّوق عندما يتحول لون السعر إلى اللون الاحمر . نعم، تصرفهم ربّما يكون صحيح بالنسبة لحالتهم النفسية المتدهورة بسبب صفقة ، لكن بلا شك، سوف يفتقدون الأرباح في المرات القادمة إذا تصرفوا بهذا الشكل في كل صفقاتهم، و ربّما كانت الخسارة أكبر عند كل خروج، و بالتالي يدمر الحساب بشكل بطيء .
و هناك حالة آخرى، يقودها الطمع بلا شك، حيث يستمر بعض المضاربين في مراكزهم بدون تحديد سعر للخروج من الصفقة Take Profit و يستمر السعر في نفس الإتجاه المتوقع، و يستمر، و يستمر إلى ان يذهب بهم إلى مقاومة/دعم أو مستوى قوي، يحذرهم من الإستمرار في الصفقة، لكن يتصرف هولاء المضاربين بلا إهتمام، و يستمرون في الصفقة حتى ينعكس عليهم السعر، و هنا لا يتغير لون السعر إلى اللون الأحمر لكن تتحول حالتهم (المضاربين) من الحالة الطبيعية إلى الإنسان الاحمر الذي ذكرنا صفاته آنفاً و هنا كمرحلة أولى من عناد السوق و الجشع و الطمع، يخسرون جزء كبير من الأرباح، نقول مثلا 50% من الأرباح العائمة، ولا ينتهي بهم الحال عند هذا الحد، بل يستمر بعضهم بالعناد و الطمع على امل ان يعود السعر بعض النقاط في نفس إتجاه الصفقة ليقوموا بالخروج ، و يستمروا بالوعود المؤقته (لانفسهم) إذا، ثم لو، ثم 10 نقاط، ثم خمس نقاط إلى ان يجدوا الصفقة عند نقطة الدخول و ينتهي بهم الحال إلى الخروج من السوق إمّا بنقاط أقل من المتوقع أو بتعادل أو بخسارة!
لكن ما السبب وراء هذه الإنفعالات؟ هل هو الطمع و الجشع ؟ هل هو عناد السوق؟ هل هو الخوف؟!
إذا بحثنا في السبب وراء الخروج المبكر من السوق، سنجد ان هولاء المضاربين، كان لديهم شعور بالخوف من الخسارة . يقولونّ ان الخوف من الفشل هو عدو كل نجاح . و هنا نقول، ان الخوف من الخسارة هو عدو كل متاجر . الآن، بعد ان تعرفنا على عدونا، علينا كمضاربين، ان نفهم ما هو الخوف، هو و ببساطة شديدة رد فعل طبيعي لما نعتبره خطر بالنسبة لنا . الخوف من الفشل و الخوف من الخسارة في صفقة و الخوف من خسارة الحساب ، إلى آخره ...
كيف نتعامل مع الخوف ؟! ربّما تكون إجابة هذا السؤال، بداية جديدة للمضاربين بإذن الله . هنا علينا ان نفهم جيدا ان الخوف لا يعني شيئ في أسواق المال، نحتاج إلى الحرص، لا إلى الخوف . نحتاج إلى ان نعزل و نبتعد عن المشاعر (عدونا الخوف) أثناء المتاجرة . نحتاج إلى المشاعر الجيدة بلا شك، الثقة بالله ثم بالنفس و العمل بالاسباب، فلا ثقة بلا عقل، و هنا يجب تحكيم العقل والعمل بالأسباب، فلا داعي للخوف بعد ذلك بإذن الله . يجب ان نوطن انفسنا على الثقة بالله ثم بالنفس و الاخذ بالأسباب . و أيضاً قم بالإجابة على هذه الأسئلة: ما المشكلة إذا فشلت صفقة؟ هل ينتهي السوق عند هذا الحد؟ بالطبع لا! دائماً توجد فرصة جديدة، فلا داعي للقلق أو الخوف!
و أمّا عن الجشع و الطمع، اعدائنا بلا شك، فهم حالة متقدمة سيئة للغاية من الثقة بالنفس . بكلام آخر، تطور للثقة بالنفس و لكن للأسوء . غالباً، يبدأ المتاجر بالخوف، ثم ينجح المتاجر بالتخلص من الخوف بتطوير شعور الثّقة، ثم تتحول الثّقة إلى ثقة عمياء، ثم جشع و طمع و هذه الحالة تؤدي إلى الخسارة في الغالب!
النقطة الأهم الآن، و هي كيف نحاول ان نسيطر على هذه الإنفعالات ؟
الحل من وجهة نظري، هو ان يقوم المضارب بالتعامل مع الصفقات مثل الإنسان الآلي . نتوكل على الله - نفكر – نخطط للدخول و الخروج : (نحذر من إنعكاس السوق بوقف الخسارة – نحمي أرباحنا بترحيل الوقف أحياناً و بنقاط اخذ الربح Take Profit)- ندخل السوق على بركة الله ، و ننتظر ....!!
يجب ان نفهم جيدا ان وضع قواعد للمتاجرة يعد من اهم الاسباب التي تجعلك تستمر في السوق، و تقهر كل هذه المشاعر السيئة التي ربّما تشعر بها أثناء الدخول في صفقة، أو عند التواجد في السوق. تذكر انه لا فائدة من الادوات الفنية التي تعرفها طالما لا توجد قواعد واضحة بالنسبة لك لكيفية ضبط النفس عن التعامل مع الصفقات .
لذلك حاول تطبيق النقاط التالية للحصول على نظام متاجرة جيد و خطة متاجرة ناجحة :
- أنا أتعامل بالتحليل الكلاسيكي (أو اي نوع من أنواع التحليل)، و عندي ثقة بتحليلي، و إذا اختلف أكبر المحللين العالميين معي، فلن أغير وجهة نظري طالما مقتنع بما أقوم به، ولا مانع من مشاركة الآخرين في الرأي طالما اقتنعت بما يقولون، لكن في النهاية المسئولية مسئوليتي ولا دخل لاحد بما يحدث في حسابي .
- سوف أدرس الصفقات الخاسرة حتى أتعلم من أخطائي .
- لا توجد مشكلة ان خسرت صفقة، فالسوق مليء بالفرص .
- لن أقوم بإغلاق أي صفقة الا إذا كان هناك نتيجة : إمّا ربح أو خسارة .
- يقول مارتن برنج : ان التحليل الفني لا يتعامل مع التأكيدات و إنّما الإحتمالات . سوف أقوم بدراسة السوق جيدا قبل الدخول في اي صفقة، و العمل على الحيادية في التحليل و كشف (الادلة) و (الإحتمالات المتاحة) حتى اصل إلى أقوى (إحتمال متاح) .
- من يتعامل في سوق الفوركس يجب ان يكون على دراية كاملة انه لا توجد أرباح دائمة ولا توجد خسائر دائمة .
- لن أخسر أكثر من (جزء محدد من رأس المال) في سبيل تحقيق ربح معين يحدد بناء على إحتمالات التحليل الفني .
- أنا مستعد للخسارة، في سبيل ان احصل على ربح، و يجب ان احمي حسابي بوقف خسارة مناسب .
- أنا ملتزم بوقف خسارة محدد يتناسب مع رأس مالي – أنا ملتزم بهدف محدد ، و سوف أقوم بتحديد الوقف و الهدف قبل الدخول في الصفقة و سوف التزم بذلك مهما كان السوق (مغري) .
- في حالة شعوري بالخوف من الدخول في صفقة، لن اقلق لاني قمت بكامل دوري و الربح و الخسارة تحددهم حركة السوق، فهذا دور السوق، ولا نستطيع ان نكابر، فنحن (نقرأ) ولا (نحرك) .
- لن اكابر و اتحدى السوق بوجهة نظري الفنية إذا كان السعر في إتجاه مختلف عن إتجاه دخولي . فلن يتحرك السعر لاسفل لاني قمت بالبيع، و لن يتحرك السعر لأعلى لاني قمت بالشراء .
- إذا كنت في حالة قلق أو خوف، سوف أقوم بإغلاق المنصة، و لن أتابع السوق إلا بعد فترة معينة، حتى ينتهي القلق سواء بربح أو خسارة .
- سوف أعمل دائما على تطوير نفسي بالقراءة و الدورات .
- لن أدخل السوق إلا (بفائض) من المال عن حاجتي . و ما دون ذلك، سوف اتدرب على الحسابات التجريبية إلى ان يوجد مال فائض عن حاجتي . (أو بونص بدون إيداع – الأفضل للمبتدئين) .
- أنا في السوق لاستمتع! ولن اهمل واجباتي الآخرى في الحياة (العائلة و العمل .. إلى آخره) .
موضوع جميل..شكرا