ارتفع سعر الذهب مؤخرًا ارتفاعًا كبيرًا، لذلك ينبغي لنا أن نتعرف على أسباب ذلك الارتفاع، أو بعض تلك الأسباب لصعوبة الإحاطة بجميع العوامل المؤثرة على أسعار الذهب عالميًّا.
كثير من المضاربين يراهنون على استمرار ارتفاع الذهب خلال الأعوام القادمة، لذلك مازال الذهب متماسك شمالًا رغم موجة التصحيح الهابطة قصيرة المدى الحالية حيث يتداول بالقرب من 1530 دولار للأوقية وعدم تسجيله لأرقامٍ قياسيةٍ جديدةٍ خلال الفترة الماضية بعد أن سجل الذهب أعلى قمة له عند 1920 دولار للأوقية تقريبًا في سبتمبر 2011، ومنذ ذلك الحين،أخذ الذهب في التداول بين مستوى دعم 1530 دولار للأوقية ومستوى مقاومة 1790 دولار للأوقية تداولًا عرضي، مما يدل على هدنة متوسطة المدى وعدم وجود ما يستدعي شراء الذهب في الوقت الراهن.
ارتفاع الذهب خلال الفترة القادمة سيكون مرتبط ارتباطًا وثيقًا بحجم الأزمات الإقتصادية والسياسية التي ربّما تُفقد المستثمرين الثقة في العملات الورقية.
لابد أن نتكلم عن شيءٍ هامٍ قبل الحديث عن بعض العواملِ التي من شأنها أن تحرك أسعار الذهب صعودًا. ينبغي لكلِّ متاجرٍ أن يستوعب حجم وكبر أسواق المال، وكثرة العوامل المؤثرة عليها؛ لذلك ليس كلّ ما سيذكر سيؤثر على السوق تأثيرًا مباشرًا. ذلك، لأن أسواق المال متغيرة؛ بمعنى أن نظرة المستثمر للسّوق والأحداث الإقتصادية متغيرة حتى لو تكررت نفس الأحداث بعد سنوات! بكلامٍ آخر، إذا حَدث شيءٌ معين منذ سنوات وكانت نتيجته سلبية على الذهب، ليس بالضرورةِ أن يكون رد فعل المستثمر تجاه ذلك الحدث، إذا تكرر مرة آخرى،مماثل لما فُعِل سابقًأ. نستطيع أن نفهم من ما ذُكِر: أن العلاقة بين سعر الذهب خصوصًا، والأحداث أو العوامل الإقتصادية أو السياسية تختلف من وقتٍ لآخر وبالتالي رد فعل السوق يختلف بطبيعة الحال.
المتابعة الجيدة لأهم الأحداث العالمية السياسية والإقتصادية والجغرافية إلخ.. من شأنها أن تفيدنا في معرفة تحركات الذهب المستقبلية، لذلك ينبغي لنا أن لا نهمل عامل الحاضر في تحليلِ الذهب أو أي سلعة أو عملة! الماضي سيفيدنا بطبيعة الحال، لكن وحده غير كاف، وبالتالي يجب الربط ما بين الماضي والحاضر للتوقع بالمستقبل، حيث أن للحاضرِ اثره كما كان للماضي اثره عندما حدث.
سنذكر فيما يلي بعض العوامل التي من شانها أن تؤثر على أسعار الذهب عالميًّا، ولابد أن نتذكر ما ذُكِر آنفًا لما له من أهميةٍ كبيرةٍ لكلِّ متاجرٍ.
1- أزمات الدولار الأمريكي:
الدولار الضعيف يدفع المستثمرين للإستثمار في الذهب؛ لأنه على المدى البعيد سيعود عليهم بالربح، وبالتالي ضعف العملة يدفع أسعار الذهب للارتفاع. ملاحظة: ليس بالضرورة أن يصاحب ضعف الدولار ارتفاع لأسعار الذهب، ولكن من الملاحظ أن لهذه العلاقة نصيب جيد من تحركات السوق.
2- انخفاض معدلات الادخار Low Saving Rate:
عندما تقدم البنوك أسعار فائدة منخفضة، يؤدي ذلك في الغالب إلى عدم اقبال المستثمر على الادخار في البنوك؛ لأن العائد بطبية الحال منخفض. وبالتالي يساهم ذلك في نفور المستثمر من اسعار الفائدة المنخفضة وذهابه إلى الاستثمار في الاصول التقليدية (ادخار امواله في صورة ذهب). ربّما كان اقتراض مبلغ للاستثمار في الذهب من البنك بسعر فائدة منخفضة أفضل واقل تكلفة له وسيعود عليه لاحقا بربحٍ جيدة.
3- التضخم: من المعروف أن الذهب يعتبر اداة قوية لمحاربة التضخيم. ارتفاع معدل التضخم يؤدي إلى رفع سعر الذهب، وعندما تصل معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، يثبت حينها الذهب قوته. التضخم بطبيعة الحال يدل على ضعف في القوة الشرائية للعملة، وذلك نتيجة لارتفاع عامل في أسعار السّلع والخدمات مما يؤثر سلبيًأ على قيمة العملة الورقية.
4- الازمات الإقتصادية: تؤثر الازمات الإقتصادية على الأسواق تأثيرًا سلبيًّا. لذلك كثير من المستثمرين نجدهم حذرين من الاستثمار في الأسهم والسندات وعليه يكون الذهب ملجأ وملاذ امن؛ لأن الذهب مقبول عالميًّا وسهل تحويله إلى اموالٍ.
5- انخفاض امدادات الذهب: التعدين مصدر هام واساسي لاستخراج الذهب، ولكن نلاحظ أنه خلال الفترة الماضية تضاعفت المشاكل بشان استخراج الذهب وفي نفس الوقت نلاحظ زيادة الطلب على الذهب، مما يزيد الطين بلة.
حسب احصائية من موقع أجنبي موثوق، انخفضت امدادات الذهب بنسبة 40% تقريبًا. بالإضافة إلى زيادة تكاليف استخراج الذهب وزيادة الاجراءات القانونية والمشاكل الجغرافية. وبالتالي نجد ارتفاع في أسعار الذهب عالميًّا. لابد من متابعة هذا العامل جيدًا عن طريق الأخبار الاقتصادية والمقالات المنتشرة على الانترنت؛ لأن اي خبر بسيط يشير إلى صعوبات في استخراج الذهب، سيؤدي إلى ارتفاع الذهب ولو على المدى القريب.
6- معدلات الفائدة الأمريكية: عندما تنخفض معدلات الفائدة، ربّما يؤثر ذلك إيجابيًّا على أسعار الذهب؛ لأن الذهب حينها سيكون خيار استثماري أفضل بالنسبة للمستثمر. مراقبة أسعار الفائدة وربطها بالعوامل السابق ذكرها سيفيد المضارب في متاجرته على الذهب.
7- السياسة (المشاكل السياسية والازمات):
نجد أن المستثمرين يسرعوا إلى انقاذ استثماراتهم بالاستثمار في الذهب كملاذ امن. فمثلا بالنظر إلى الرسم البياني ادناه، نجد انه بعد هجوم 11 سبتمبر 2001 ارتفع الطلب على الذهب بشدة! السياسة والمشاكل الدولية والحروب وكلّ شيءٍ يضر بقيمة العملة، سيؤثر بطبيعة الحالي على الذهب إيجابيًّا.
مثال:من اشترى 1 كيلو ذهب من 13 عام تقريبًا بالجنيه المصري، فهو اليوم من الرابحين، حيث تضاعف رأس المال حوالي 11 مرة تقريبًا:
شراء في 2000
الخروج في 2013 ب 11 ضعف مبلغ شراء كيلو ذهب عيار 24
8-التطورات في الصين والهند: هما من أكبر الدول المستوردة للذهب، وبالتالي ضروري جدًّا متابعة كل ما يحدث في هذينِ البلدين.
9-الاحتفالات: الهند من أكبر مستهلكي الذهب؛ لان الهنود يستخدمون الذهب بكثرة في المناسبات والأعياد كهدايا، وبالتالي يرتفع الطلب على الذهب خلال مواسم الاحتفالات. الاحتفالات تكون في أول مايو، و شهر أكتوبر.
10- قرارات اللجنة المسئولة في البنك الفيدرالي الأمريكي عن السياسة النقدية لتحديد سعر الفائدة وسياسات اخرى من شانها أن تؤثر على الذهب. (سأقوم بعمل فيديو لهذه الفقرة لاهميتها الكبيرة وحينها سأقوم بشرح ذلك كتابة أيضًا).
11-التغيرات في قيود CME من حيث رفع الهامش على عقود الذهب والفضة. (سنتكلم عن ذلك في الفيديو القادم أيضًا بإذن الله).
أخيرًا، يخضع الذهب مثل اي سلعة إلى قوانين العرض والطلب وان اختلف قليلا من حيث رد فعله تجاه احداث معينة، فهو مختلف بطبيعة الحال لانه نادر حيث لا ينتهي ولا يُستهلك ولكنه ينتقل من يدٍ إلى اخرى وهنا يكمن عامل الاختلاف.
بعض العوامل المؤثرة على أسعار الذهب عالميًّا (شرح فيديو مدعم بالرسوم البيانية التوضيحية): http://www.youtube.com/watch?v=J2QQC01B95w
شكرا جزيلا