حل مشكلة الفقر في المملكة

16/11/2011 34
محمد العمران

في مقالي المنشور قبل عدة أسابيع عن تحجير الأراضي البيضاء دون استغلال، سألني أحد الإخوة: كيف عرفت أن غالبية العقاريين الذين يملكون الأراضي البيضاء ذات المساحات الواسعة لا يدفعون الزكاة؟ فقلت له: الإجابة بسيطة وواضحة ولا تحتاج إلى استبيان.

فبحسب دراسات الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عام 1430هـ، تبلغ مساحة النطاق العمراني لمدينة الرياض 2.435 كيلومتر مربع تشكل الأراضي البيضاء منها نسبة 77 في المائة في حين يبلغ متوسط السعر السوقي للأراضي ما يقرب من ألف ريال للمتر المربع بمعدل نمو 20 في المائة سنوياً. هذا يعني أنه في عام 1432هـ فإن القيمة السوقية التقديرية لهذه الأراضي البيضاء (باستثناء الوديان والجبال التي تشكل نسبة لا تزيد على 15 في المائة) تبلغ الآن قيمة سوقية لا تقل عن تريليوني ريال، وإذا ما أضفنا إلى ذلك قيمة الأراضي البيضاء خارج النطاق العمراني فإن هذا الرقم بالتأكيد سيتضاعف عدة مرات ليبلغ ستة إلى سبعة تريليونات ريال على أقل تقدير.

وإذا أضفنا لهذه الرقم الأرقام المناظرة له في بقية مدن المملكة داخل النطاقات العمرانية وخارجها (بما في ذلك الصحاري والشواطئ)، فإننا حتما سنصل إلى رقم فلكي لا يقل عن 40 إلى 50 تريليون ريال بسبب كبر مساحات الأراضي البيضاء المملوكة وبسبب ارتفاع أسعارها. وبالتالي فإن افترضنا أن نصف هذه الأراضي فقط يستحق الزكاة الشرعية (وهو رقم متحفظ جداً لوجود تناقض بين مساحاتها الضخمة وفكرة الاستعمال الشخصي) فإن مقدار الزكاة الواجبة على هذه الأراضي لن يقل بأي حال من الأحوال عن مبلغ 500 مليار ريال سنوياً.

وإذا افترضنا أن نصف المواطنين مستحقون للزكاة (وهي نسبة مبالغ فيها نوعاً ما)، فإن نصيب كل واحد منهم من زكاة الأراضي البيضاء بمن فيهم النساء والأطفال، لن يقل عن مبلغ 45 ألف ريال سنوياً، مما يعني أن عائلة مكونة من خمسة أفراد سيكون نصيبها من الزكاة مبلغ 225 ألف ريال يدفع لها سنوياً. وبالتالي فإن الحل الجذري لمشكلة الفقر في المملكة يكمن في الأفراد الذين يملكون مساحات ضخمة من الأراضي البيضاء ولا يدفعون عنها زكاة أو حتى ضرائب، وفي رأيي الشخصي ليس لولي الأمر أو الحكومة مسؤولية في ذلك على اعتبار أن الزكاة مسألة شخصية للأفراد.

تجب الإشارة إلى أن هناك من يدفع الزكاة على ما يملك من الأراضي البيضاء، لكن الواضح أن هؤلاء هم قلة مع الأسف، ولهذا أقول إنه في جميع التشريعات السماوية والوضعية في جميع دول العالم، من حق أي إنسان أن يمتلك ما يشاء (ونسأل الله أن يرزق الجميع من واسع فضله)، لكن في المقابل يتوجب على هذا الإنسان أن يسدد التزاماته إن كانت على شكل ضريبة أو على شكل زكاة، وإلا فإن خللاً ما سيحدث لهذا الميزان الاقتصادي الذي وضعه لنا الله ـــ عز وجل ـــ والتاريخ الإسلامي مليء بالقصص التي تؤكد لنا أهمية الزكاة في حفظ هذا التوازن لتحقيق الرفاهية الاجتماعية بين المسلمين على مر العصور.