ارتفع معدل التضخم في شهر يونيو إلى أعلى مستوى له هذا العام بوصوله إلى مستوى 1.8% مقارنة بما كان عليه الحال في يونيو من العام الماضي. وللمقارنة فإن المعدل قد تراوح في شهور السنة الخمسة السابقة ما بين 1.5-1.79%. وكما ورد في تقرير جهاز الإحصاء عن الموضوع فإن الارتفاع بنسبة 1.8% كان محصلة لارتفاع خمسة من المؤشرات الفرعية لمجموعات السلع والخدمات، وانخفاض مؤشر واحد فقط هو مؤشر الإيجار، مع الترجيح في حساب المعدل بالأوزان النسبية لكل مجموعة منها. فمجموعة الإيجار وتشكل وزناً نسبته 32.5% من الوزن الإجمالي لسلة السلع والخدمات قد انخفض متوسط سعرها بنسبة 4.3% عن يونيو 2010، وينتج من ضرب هذين الرقمين انخفاضاً بنسبة 1.4% ، هي تأثير هذا البند أو مساهمته في التغير الحاصل في الرقم القياسي لأسعار المستهلك أو معدل التضخم. وفي المقابل فإن ارتفاع أسعار بند الغذاء والمشروبات، والذي يشكل ثاني أكبر وزن نسبي في السلة قد ارتفع بنسبة 5.9% ، يليه في الترتيب من حيث الوزن مجموعة النقل والاتصالات بارتفاع نسبته 5.9%، ثم مجموعة السلع والخدمات المتفرقة بنسبة 4.6%، فمجموعة الملابس والأحذية ذات الوزن الأقل ولكنها ارتفعت بنسبة 9.3%، فمجموعة العناية الطبية بنسبة ارتفاع 2.5%. هذه الارتفاعات في أسعار خمس مجموعات مهمة من المجموعات المكونة لسلة السلع والخدمات التي يتكون منها الرقم القياسي لأسعار المستهلك قد ألغت الانخفاض الذي سببته مجموعة الإيجار بنسبة 1.4%، وأضافت إليه ارتفاعاً صافياً بنسبة 1.8%، مع الإشارة إلى أن مجموعتي التسلية والترفيه، والأثاث والمنسوجات لم تسجلا تغير يُذكر في الفترة المشار إليها.
وبهذه الزيادة السنوية يكون معدل التضخم قد وصل إلى أعلى مستوى له هذا العام، وإن كان لا يزال قريباً من الهامش الذي تحرك فيه في الشهور الخمسة السابقة حيث سبق له أن بلغ ما نسبته 1.79% في شهر فبراير الماضي. فما الذي يدفع المعدل إلى الارتفاع رغم ما تبذله السياسة النقدية لمصرف قطر المركزي من جهود واضحة في تعقيم السيولة الزائدة في الاقتصاد عن طريق إصدار أوذنات الخزانة، ورغم استمرار التراجع في أهم مكونات سلة الرقم القياسي والمقصود مكون الإيجار؟
الحقيقة أن السبب الأساسي لارتفاع معدل التضخم في السنة الأخيرة هو في تراجع سعر صرف الدولار ومن ثم انخفاض سعر صرف الريال القطري أمام العملات الأخرى حيث انخفض سعر صرف الريال أمام اليورو منذ نهاية يونيو 2010 وحتى اليوم بنسبة 17.6%، وانخفض مقابل الين بنسبة 16.4%، ومقابل الجنيه الإسترليني بنسبة 10.6%. وقد نتج عن ذلك ارتفاع أسعار السلع المستوردة من هذه الدول بالنسب المشار إليها. وبالنظر إلى أن جزءاً مهم من واردات قطر السلعية يتم بالدولار أو من دول تربط عملاتها بالدولار، لذا فإن هذا الجزء( المقوم بالدولار) من المستوردات لم تتأثر أسعاره بتراجع سعر صرف الدولار، وهو ما قلص التأثير النهائي على معدل التضخم إلى 1.8% فقط. ومع ذلك فإن تراجع سعر صرف الريال مقابل الين واليورو قد رفع أسعار السيارات اليابانية والأوروبية وقطع غيارها، وعلى أسعار كافة المنتجات القادمة من تلك الجهات، وهذا التأثير قد لا يشعر به الكثيرون ولكنه بالتأكيد يضغط على ميزانيات الأفراد والشركات التي تتعامل مع تلك المنتجات.
على أن المشكلة التي يواجهها الاقتصاد القطري هي في استمرار ارتباطه بسعر ثابت مقابل دولارٍ ضعيف يعاني من مشاكل مزمنة وبات من المرجح أن لا يعود إلى تحقيق ارتفاعات مهمة في المستقبل كما كان يحدث في الماضي. وقد أشرت إلى هذا الموضوع في عدة مقالات سابقة، وأشير إليه مجدداً باعتبار أننا وصلنا إلى موقف حرج في وقت يتصارع فيه الحزبان الكبيران على قضية إسناد الدين العام الأمريكي الجديد من عدمه، ولكل منهما توجهه الذي يخالف الآخر، ومن ثم سيتأثر سعر الدولار باختلافهما وباستمرار عجز الموازنة الأمريكي.
والخلاصة أنه إذا كانت السياسة النقدية لمصرف قطر المركزي قد نجحت في العودة بالتضخم إلى مستوياته المنخفضة، فإن سياسة الربط بدولار ثابت سوف تؤدي إلى إعادته إلى الارتفاع من جديد وخاصة إذا ما توقفت أسعار الإيجارات عن التراجع في عام 2012، مما يستوجب التحرك نحو الربط بسلة عملات سواء كان ذلك للريال منفرداً أو للعملة الخليجية الموحدة التي طال انتظار صدورها.
ويظل ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله أجل وأعلم.
ان كان هناك شىء سيؤثر سلبيا فى الاقتصاد السعودى فهو التضخم واسعار الايجارات حيث ان ان القطاع العقارى محتكر بالكامل فى السعودية وحيث ان مؤسسة النقد لاتحرك ساكنا تجاه سعر صرف الريال مقابل الدولار وايضا لاتشرح لنا لماذا هذا التصميم الهجيب على عدم تحريك سعر الصرف لمحاولة التأثير على معدل التضخم سوى ان بعض الكتاب مازلو يرددون بأنن المملكة تبيع النفط بالدولار واغلب استثمارات المملكة بالدولار لذلك لابد ان يرتبط الريال بالدولار سنفترض ان كلامهم صحيح رغم الكثير من التحفظات على مثل هذا الطرح والذى يفترض ان القراء لايستطيعون التفكير ويجب ان يأخذو الامور كما تملى عليهم ولكن لماذا لايتم رفع قيمة الريال مقابل الدولار ليعكس واقع الاقتصاد السعودى ولمحاولة تقليل التضخم ؟ لاتجد اى اجابة لدى اى مسؤل او كاتب ابحث عن المستفيد من مثل هذا الامر وهو ليس المواطن بالتأكيد