حنظلة في مرمى الإفلاس الأمريكي

29/07/2011 11
محمد سليمان يوسف

عندما ظهر الرئيس الأمريكي باراك اوباما يوم الجمعة 22/7/2011 على شاشة التلفاز ،صرخ المر بن حنظلة العلقمي في وجه أولاده صرخة مهولة جمدتهم في مكانهم ، وهكذا حل الصمت الرهيب في مجلس كان قبل دقائق وكرا للصراخ والضجيج، سمر ابن حنظلة عينيه في شاشة التلفاز ينظر إلى شفتي أوباما وأذناه مشنفتان لما سيقوله المترجم، تحركت شفتا الرئيس ونطق بالكثير من الكلام قبل أن يأتي صوت المترجم عبر الأثير : " الأمريكيون ضاقوا ذرعا بعجز الكونغرس عن العمل .. قدمنا عرضا عادلا للغاية .. لكن المفاوضات مع الجمهوريين فشلت ".. انتهى الخبر وظهر مذيع البي بي سي في عرض الشاشة وطولها ، ضرب المر بن حنظلة كفا بكف وأطرق في الأرض ناظرا في اللاشيء ، فاستغل الأطفال صمته وعادوا إلى الصراخ والضجيج مرة أخرى.

المر بن حنظلة العلقمي كغيره من المستثمرين في البورصات العربية ، يتابع "مسرحية" رفع سقف الدين العام الأمريكي لحظة بلحظة ومحطة محطة ولا يترك إذاعة أو صحيفة تعتب عليه ، ومن كثرة تردده على موقع "أرقام" و "منتدى الإمارات للأوراق المالية" بحثا عن الأخبار وبسبب بحلقته في شاشة الكمبيوتر ، انحرفت عينه اليمنى درجة واحدة نحو اليسار، وكيف لا يبحلق حتى لو خربت عيناه كلتاهما وهو الذي ضاعت "تحويشة" عمره في البورصة – في 2007 اشترى أسهما بمليون درهم أما قيمتها اليوم فمائة ألف درهم فقط - ومثله مثل آلاف المستثمرين ما زال المر بن حنظلة العلقمي يبحث عن خبر يرفع أسهمه لكنه ومنذ أن وقع في مستنقع البورصة قبل أربع سنوات وحتى هذه اللحظة لا يسمع سوى الأخبار السيئة وآخرها كان خبر فشل المفاوضات بين الجمهوريين والديمقراطيين.. " هم يخطئون ونحن ندفع الثمن " صرخ ابن حنظلة في وجه الأولاد فانكمشوا على أنفسهم مذعورين وعاد الصمت ليسكن زوايا المجلس .

قضى المر بن حنظلة العلقمي الفترة الممتدة من يوم الجمعة 22/7/2011 إلى يوم الجمعة 29/7/2011 يتابع كل الأخبار المتعلقة باجتماعات البيت الأبيض ومجلس النواب ومجلس الشيوخ وكل كلمة يقولها جمهوري أو ديمقراطي وأصبح يعرف أسماء أمريكيين لا ناقة له معهم ولا جمل أمثال جون بينر وهاري ريد ونانسي بيلوسي وكل ما يريد أن يسمعه من هؤلاء الأمريكيون المجانين هو اتفاق بينهم يرفع سقف الدين العام كي لا تفلس أمريكا ومع إفلاسها تطير بقايا أسهمه فهو اليوم - بلا حول ولا قوة - كالصين واليابان والهند والسعودية وباقي دول العالم يصلي مساء صباح كي لا تفلس أمريكا .

حتى موعد "إفلاس" أمريكا في الثاني من أغسطس لا يعرف المر بن حنظلة العلقمي كيف سيتمكن من البقاء حيا ، فهو يقضي الساعات والدقائق متنقلا من مؤشر إلى آخر يبدأ صباحه الباكر بمتابعة نيكي و شنغهاي وعند الضحى ينتقل إلى دبي فداكس وفوتسي وفي المساء يعقد كل الآمال على ناسداك و داوجونز فإن أغلقا ضمن المنطقة الخضراء نام بهناء وراحة بال وإن أغلقا على انخفاض قضى الليل بطوله قلقا متنقلا بين المجلس والسرير بحثا عن ساعة نوم .

في مجتمعنا الخليجي اليوم أعداد كبيرة جدا من المستثمرين الضحايا ممن يشبهون المر بن حنظلة العلقمي ، وهم اليوم في مأزق كبير فلا هم قادرون على بيع أسهمهم بعد أن خسرت نحو 90% من قيمتها ، ولا هم قادرون على الاحتفاظ بها لأنهم يخشون إن احتفظوا بها- وأفلست أمريكا - أن تنكمش مرة أخرى فلا يبق منها شيء يذكر .

يعتقد المر بن حنظلة العلقمي وكي لا تتكرر مأساته مع أبنائه وأحفاده أن العرب عموما والخليجيين خصوصا مطالبون اليوم قبل غد بفك ارتباط عملاتهم بالدولار الأمريكي ومطالبين بالامتناع عن شراء سندات الخزانة الأمريكية بل وحتى بالامتناع عن إقراض أمريكا أو الاستثمار فيها كي تفلس لوحدها إن أفلست ولا يفلس معها المر بن حنظلة العقلمي ومن يشبهه.