ارتفع سعر أونصة الذهب في الأسبوع الماضي وسجل مستويات قياسية لم يبلغها من قبل وبات قريباً جداً من مستوى 1600 دولار للأونصة، بعد أن أنهى الأسابيع السابقة في عملية تصحيح لم تهبط به كثيراً ، وإنما أخذته إلى مسافة مائة دولار من مستواه القياسي السابق -أي إلى 1460 دولار- ثم ها هو يعود بالأمس بقوة إلى مستوى 1592 دولار. وقد كنت قد كتبت قبل فترة وجيزة لا تزيد عن شهرين مقالاً عن الذهب توقعت فيه وصول سعر الأونصة إلى 1750 دولار هذا العام، واستناداً إلى تحليلات مفادها أن الاقتصاد الأمريكي الذي هو قاطرة الاقتصاد العالمي يعاني من أزمات عديدة لعل في مقدمتها العجز المزمن في الموازنة العامة، وتراكم الديون العامة إلى أكثر من 14 تريليون دولار، وتباطؤ النمو الاقتصادي، وعودة معدل التضخم إلى مستوى 9.2%. وهذه المعطيات قد أصابت الدولار فأوجعته وجعلته غير قادر على البقاء في الساحة كعملة الاحتياط الدولي الرئيسية. ولأن الأسباب المؤدية إلى هذا الوضع باقية ولم تتغير حتى الآن وتتمثل في انغماس الولايات المتحدة في حروب عديدة، لذا فإن استمرار التراجع في المعطيات الأمريكية أمر وارد لا مفر منه، ولن تشفع لها قوتها العسكرية في فرض هيمنتها الاقتصادية على العالم بمثل ما فشلت في إدارة حروب مع دول العالم الثالث كأفغانستان والعراق. ويجادل البعض بأن الاقتصاد الأمريكي قوي ولن يتصدع مستدلين على ذلك بحجم ناتجه القومي الضخم الذي يفوق اقتصاد منطقة اليورو، وبأن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لا زالت معقولة. وهذا الكلام مردود عليه بأن الناتج مقوم بدولار عام 2011 الذي هو ضعيف ومهلل ولم يعد يساوي شيئاً يذكر إذا ما قيس بالذهب أو النفط، فشتان ما بين دولار نيكسون حتى يوليو عام 1971 الذي كان سعر الذهب مقوماً به يعادل 35 دولاراً للأونصة وسعر برميل النفط لا يتجاوز 3 دولارات. أي أن قيمته الحقيقية قد تراجعت بنحو 38 مرة على الأقل.
وقد حدث أن تعرض سعر الدولار في الأسبوع الماضي إلى هزة جديدة من جراء تهديد إحدى مؤسسات التقييم المالي العالمية بخفض تقييم الاقتصاد الأمريكي والسندات الأمريكية عن الدرجة الأولى الممتازة. وفي تقديري أن هذا الأمر قادم لا محالة، ولهذا سارع المستثمرون الكبار إلى التوجه إلى استثمارات بديلة بدلاً من الاعتماد الكبير على السندات الأمريكية والودائع بالدولار ، وخاصة أن العائد على تلك الودائع متدني جداً ولا يكاد يفعل شيئاً في ظل ارتفاع في تكلفة المعيشة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود والسلع.
وكما ذكرت في مقالي السابق، فإن سعر صرف الدولار لن ينخفض كثيراً أمام العملات الرئيسية الأخرى لأن لكل عملة مشاكلها الأخرى التي تضغط عليها؛ فأزمة الديون السيادية عادت لتطل هذا الأسبوع من البوابة الايطالية، فضلاً عن اليونانية والايرلندية، والاقتصاد الياباني لا يزال يعاني من الزلزال المدمر الذي أصاب اليابان في بداية هذا العام. ومن هنا وجدنا أن سعر صرف الدولار قد انخفض بالكاد أمام الين إلى مستوى 79 ين، وإن كان هذا هو أقل سعر للدولار مقابل الين منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك في الوقت الذي انخفض فيه سعر اليورو مقابل الدولار إلى 1.4150 دولار نتيجة الوضع المالي السيئ في منطقة اليورو.
وإذن فنحن الآن منكشفون على فترة يستمر فيها تراجع الدولار بقوة أمام الذهب والنفط والسلع الأخرى، وبدرجة أقل أمام اليورو والين. وقد لا تجد دول الفائض الكبير كالصين والسعودية ودول أخرى بُداً من رفع قيمة عملاتها مقابل الدولار باعتبار أن التمسك بسعر ثابت أمام دولار هزيل هو أمر غير محمود كلياً لأن مساؤه تفوق مزاياه التي تتمثل في الإبقاء على القدرة التنافسية لصادراتها. ومن تلك المساوئ ارتفاع تكاليف وارداتها، وارتفاع معدل التضخم فيها –كما هي المشكلة الآن في الصين- فضلاً عن أن القيمة الحقيقة لاستثماراتها الخارجية تتعرض للتآكل.
وعلى ضوء ما تقدم نجد أن أسعار السلع سوف تستمر في الارتفاع كنتيجة منطقية لضعف الدولار وعدم وجود بدائل قوية للانتقال إليها. ومن ناحية أخرى أرى أنه لا بد من التفكير جدياً في تخلى دول مجلس التعاون عن ربط عملاتها القائمة-والموحدة مستقبلاً- بالدولار، رغم التسليم بأن دون ذلك محاذير سياسية. ومع ذلك فالأمر ممكن بدليل أن الكويت فعلت وتفعل ذلك. وقد لا يكون المطلوب حاداً وقوياً بل متدرجاً لتحاشي تأثيراته السياسية، بمعنى أن يتم إقرار الربط بسلة عملات يكون الدولار فيها المكون الأكبر،كما في الكويت، ثم يكون للسلطات النقدية الحق في تعديل نسب مكوناته على ضوء ما يستجد من تطورات. وأحسب أن خطوة في هذا الاتجاه تبدو ضرورية الآن وذاك خير من أن نبحث عن حلول لمعالجة أزمات باتت تطل برأسها. وقد أعود للحديث في هذا الموضوع في مقال آخر إن شاء الله.
ويظل ما كتب رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ،،،، والله سبحانه أجل وأعلم.
its a must now people !!!
بالإمكان مراجعة المقالات التي كتبها الدكتور أنس الحجي عن الموضوع في جريدة الاقتصادية حيث يوضح مساوئ ربط الريال بسلة من العملات، كما يبين حسنات ومساوئ ربط الريال بالدولار ويرى أن الربط بالدولار هو الحل الأمثل، رغم كل العيوب.
من شوره براس غيره ما يقول بقدر اسوي واسوي
ربما حان الوقت
التنويع ولو بشكل بسيط هو الأفضل وبذلك تستفيد عملات الخليج في كلا الحالتين : 1- في حال انخفاض النفط : يرتفع الدولار وبالتأكيد تنخفض ايرادات دول الخليج وتنخفض العملة بشكل آلي ( في حال تحرير العملة ) .. لكن اذا انخفض النفط تثبت العملة الخليجية أو أي عملة مربطة بالدولار ولايتم التلاعب فيها في البورصة .... مثل أعوام 1986 - 1994 - 1998 2- في حال ارتفاع النفط : ينخفض الدولار ( مثل ماهو حاصل من 2003 ) استمر الدولار بالانخفاض حتى وصل الى مستويات قياسية وذلك تعوض الدول الخسائر من انخفاض الدولار وانخفاض قوة عملتها مع هذا الانخفاض والذي ينتج عنه التضخم مثل ماحصل خلال الفترة الماضية ( طبعا يجب ربط الانخفاض باسعار الفائدة ) ... لأن في حال انخفاض النفط وارتفاع الفائدة يكون هناك " كساد اقتصادي " في البلدان المربوطة بالدولار مثل ماصار سنة 1986 والتي انخفض الاقتصاد السعودي بشكل كبير سواء في البورصة او العقار أو النشاط الاقتصادي بشكل عام وحتى أن كثير من البنوك عاشت سنوات سوداء مابين عام 1986 و 1991 بسبب الخسائر المتواصلة بسبب تجنيب مخصصات سنة بعد أخرى حتى ارتفع النفط لفترة كم شهر خلال أزمة غزو الكويت اغسطس 1990 تحياتي
أعتقد ان ابقاء ربط العملات الخليجية اياً كانت مع الدولار يعتبر من اسلم الحلول في وجهة نظري. لا اعتقد ان الدول الخليجية لديها القدرة على ادارة عملاتها النقدية بشكل منفرد في ظل التقلبات الاقتصادية الحاصلة و ( المحاذير السياسية ) التي اشرت اليها.
شكراً لكل الذين أدلوا بآرائهم في الموضوع ولكني لا أزال عند رأيي بأن الدولار يواصل انخفاضه وما ارتفاع أسعار الذهب والنفط إلا أحد أوجه هذا الإنخفاض، وقد كنت في المصرف المركزي قبل ثلاث سنوات وأعددت دراسة مستفيضة عن الربط بالدولار أو بخلافه وكانت النتيجة يومها في تزكية الإبقاء على الربط بالدولاررغم عيوبه، ولكنني اليوم وعلى ضوء ما وصلت إليه الأمور أسجل تراجعي عن التوصية السابقة لصالح البحث عن سلة عملات يظل الدولار فيها نسبة كبيرة في البداية ولكنها نسبة مخفيةه لا يعلمها إلا المصرف المركزي كما هو الحال في الكويت