راعي الغنم وصانع السوق

25/06/2011 5
عبد المحسن القعيد

انه كان هناك شاب يقوم برعي الغنم , بجوار قريته , و كان يشعر بالملل كونه لا يجد من يحادثه. فخطرت له فكرة رأى أنها ستشعره بالتسلية و المرح , فقرر تنفيذها، وفي يوم من الأيام , وفي الصباح الباكر أخذ يركض تجاه القرية و يصرخ بأن الذئب هجم على الغنم و علية، فما كان من سكان القرية إلا أن الكل منهم يحمل معه السلاح و يتجه إلى المرعى , لقتل الذيب وعند وصولهم للمرعى لم يجدوا الذئب , فيقوم الراعي بالضحك عليهم و السخرية من تصديقهم.

وفي اليوم الثاني أعاد الراعي نفس القصة و حضر السكان ولم يجدوا الذئب وأصبح الراعي يضحك من غبائهم ومن تصديقهم له. وفي اليوم الثالث أعاد الراعي نفس القصة و استمر ضاحكا على غباء أهل القرية و مستوى ذكائه.

وفي اليوم الرابع هجم ذئبا على الغنم و أخذ الراعي بالصراخ والاستنجاد بأهل القرية ومضى يركض وهو يصرخ , سمعة السكان وأغلق كل واحد منزله عليه وهو مكذب له , وتمتع الذئب بقتل الغنم و الراعي يصرخ للمساعدة.

هذي القصة اقتبستها وأخذتها من الشبكة العنكبوتيه , وأعجبني منها تقاربها للواقع في سوق المال و العقار. حيث أن المتداولين هم سكان القرية, و متلاعبين السوق أو صانع السوق هو الراعي.

في عام 2005م , كان السوق المالي لسوق الأسهم يحقق ارتفاعات فاضحه و غير منطقية , و كان المتداولون يدركون أن هناك انهيار سوف يحدث , في يوم من الأيام , فنفاجأ باحمرار المؤشر بنقاط مرتفعه , و هذا ما يعبر عن صرخات الراعي في القصة السابقة , فيصرخ و يتداول بين المتداولين بأنه انهيار , ويخرج من يخرج , و في البداية أتوقع أن الكل أقدم بالخروج.

ومن ثم نجد نحن المتداولين انه ليس انهيار , و أن السوق ارتد و ارتفع أعلى مما كان عليه , و أعيدت لنا الكرة عدة مرات ,, حتى اتفق المتداولون وكان يتداول أرائهم في الشبكة العنكبوتيه وفي المجالس أنه عندما ينخفض السوق ادخل بكامل السيولة فأنه سوف يرتد، وعند انخفاض السوق , قبل الانهيار الكبير في عام 2006م , وجدنا ارتداد سريع و أرباح لنا نحن المتداولين.

ان راعي السوق خدعنا في عدت مرات حتى كذبنا مسألة الانهيار و انخفاض الأسعار المتضخمة , وخسرنا ما نملك .وهذه الطريقة تستخدم علينا نحن سكان القرية, بمعنى المتداولين , ولم نتب بعد. وينطبق أيضا في أسواق العقار, وجميع أنواع التجارة.

فكل تجار في قطاع معين عبارة عن سكان قرية, و كل متحكم في هذا القطاع فهو راعي.