مع انفجار فقاعة الأسهم في الإمارات نهاية عام ألفين وخمسة واجه مساهمو الشركات العقارية في الأسواق المحلية صفعات مؤلمة، بدأت بانهيار سهم إعمار من مستوى 28 درهم بعد زيادة رأس المال ولم تنته عند وصوله مستوى درهم وسبعين فلسا، وإذا كان سهم إعمار هو القائد العام ليس للأسهم العقارية فحسب بل للسوقين مجتمعين وهذا ما حصل له فكيف إذن بباقي الأسهم الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة والتي وصل أحدها والمقصود هنا سهم ديار إلى مستوى 25 فلس؟.
من المؤسف القول أن الشركات العقارية المدرجة في اسواق المال المحلية لم تمنح مساهميها منذ عام 2005 وحتى الآن سوى المرارة ، وفشلت فشلا ذريعا في تحقيق أي من تطلعات المساهمين والمستثمرين فيها بل وأدى التراجع المتواصل لقيمة أسهمها إلى تبخر أموال ومدخرات الكثير من البسطاء ممن منحو إدارات هذه الشركات ثقتهم ووضعوا كل بيضهم وأملهم ومستقبلهم في سلتها.
المر بن حنظلة العلقمي إنسان بسيط قرر يوما ما وبدفع من الشهوة إلى الربح أن يستثمر مدخراته في سوق الأسهم ، فكسر الوديعة "أم 5% فائدة " وقيمتها 2 مليون درهم - هي كل ما تمكن من جمعه خلال حياته الممتدة لخمسة عقود - واتجه عام 2006 إلى سوق المال واشترى 100 الف سهم "إعمار العقارية " عندما كان سعر السهم 20 درهم.
حلم المر بن حنظلة العلقمي كغيره من آلاف المستثمرين أن يصل سهم إعمار إلى مئة درهم ، لكن سهم إعمار رفض الإنصياع للأحلام والتوقعات وانحدر – بلا رحمة - في رحلة هبوط قاسية أجلسته عند مستوى 10 دراهم عدة أسابيع ، وفي هذه الفترة كان المر بن حنظلة يندب حظه ، ويضرب كفا بكف ،وينتف شعره ، ويشتم نفسه بل ويبكي كلما استطاع الإختلاء مع نفسه ساعة من الزمن.. كيف لا يفعل ذلك و 2 مليون أصبحت 1 مليون أي خسر نصف ثروته.
الأصدقاء والأقرباء خافوا على العلقمي فطبطبوا عليه واقترحوا عليه البحث عن حل ينقذه ودفعوا به إلى أحد محللي الأسهم عبر التلفاز فنصحه بشراء مئة ألف سهم أخرى من إعمار لتعديل سعر السهم من 20 إلى 15 درهم فاقتنع العلقمي بالنصيحة – ولماذا لا يقتنع ومحلل التلفاز أقسم له بكل عظيم ان سهم إعمار سيكون 50 درهم بعد أشهر قليلة - واستعان بمدخرات زوجته وذهبها واشترى 100 الف سهم جديدة فأصبح لديه 200 الف سهم إعمار.
من سوء حظ المر بن حنظلة العلقمي أن الأزمة المالية العالمية هزت الكرة الأرضية بأسرها بعد أشهر قليلة من شراءه الدفعة الثانية من أسهم إعمار وعلى وقعها هبط سهم إعمار بسرعة البرق إلى مستوى 5 دراهم ، وبسبب هذا الهبوط الحاد رقد المر بن حنظلة شهر كامل في المستشفى على خلفية جلطة كادت تودي بحياته، وعندما تعافى وعاد إلى المنزل اجتمع حوله الأصدقاء والأقرباء فواسوه قائلين : إن الأسوأ أصبح من الماضي وأن سعر إعمار فرصة تاريخية لا تعوض، فاتصل العلقمي بمحلل التلفاز وسأله المساعدة والبحث عن حل فكان الرد : "اشتر 200 الف سهم لتعديل السعر .. ولا تنسانا من الحلوى عندما يرتفع السهم إلى 25 درهم"، ولم يجد العلقمي سببا واحدا يدفعه لتجاهل "نصيحة من ذهب " فباع أرضا ورثها عن والده وحصل على قرض شخصي واشترى 200 سهم إعمار جديدة وجلس ينتظر ارتفاع سهم إعمار .. لكن هيهات أن يبتسم الحظ لعاثر حظ كالمر بن حنظلة العلقمي إذ وبعد أسابيع قليلة تمكنت "ديون مجموعة دبي العالمية " من وضع سهم إعمار عند 1.75 درهم وهو اليوم بـ 3 دراهم أي أن 4 مليون درهم التي دفعها العلقمي أصبحت اليوم 1.2 مليون درهم والعلقمي ما زال يسدد أقساط قرضه وهو يقترب من سن التقاعد ولا يعرف إن كان سيعيش حتى يرى إعمار بخمسة دراهم أم لا.
مما لا شك فيه أن قصة المر بن حنظلة العلقمي تشبه قصص آلاف المساهمين في إعمار وربما بوجوه أكثر بشاعة ، وما جرى مع حملة سهم إعمار حصل مع حملة أسهم الدار العقارية وصروح العقارية والإتحاد العقارية ، وديار للتطوير ،ورأس الخيمة العقارية .. وهنا تتداخل عشرات الأسئلة مع بعضها البعض آخرها غير معروف أما أولها فهو من المسؤول ؟ .. المساهم أم الشركة ؟.. الشركة أم الدورة الاقتصادية ؟ .. هل ما حصل مشابه لما حصل في دول أخرى ؟.. هل البنوك مسؤولة ؟.. أم الدولة ؟ .. ما سر اختفاء شركات التمويل العقاري ؟ .. ما هو المطلوب الآن من المساهم والشركة والدولة ؟ .. لماذا فشلت الشركات في تحقيق الأهداف التي أسست من أجلها ؟ .. وإلى متى سيستمر فشلها ؟ . وما ذنب إنسان بسيط وثق بشركات تدعمها الحكومات المحلية ؟.. وكيف يمكن للحكومات المحلية إعادة الثقة للناس بهذه الشركات ؟ .. هل إعادة الثقة تكون بشراء الأصول الجيدة وترك الأصول الرديئة للشركة والمساهمين ؟.. أم يكون بتوفير قروض مسيرة أو بلا فوائد ؟.. هل يكون دعم الشركات العقارية بترك شركات التمويل العقاري لمصيرها وبالإحجام عن تأسيس شركات تمويل عقاري جديدة أم بحل مشكلة شركات التمويل العقاري ودفع المزيد من هذه الشركات إلى السوق ؟
إن الكثير من مساهمي الشركات المساهمة العامة العقارية في الإمارات ينتظرون حلولا لمشاكل هذه الشركات التي كانت سببا في إفلاس الكثيرين منهم .. والحلول الجادة كثيرة عندما تكون هناك إرادة لحلها ويأمل المساهمون والمستثمرون أن لا يطول انتظارهم كثيرا .
اهم كلمة في المقال كله هي: إعادة الثقة تكون بشراء الأصول الجيدة وترك الأصول الرديئة للشركة والمساهمين ؟ وفي ابار خير دليل على ان الحكومة تتعامل مع المساهمين في الشركات و كانهم منافسين لها وليسوا مسئولين منها .. فهي تبذل قصارى الجهد لتحقيق اقصى ربح لها واقصى خسارة لهم. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " .. كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" فاستعد ايها الراعي للسؤال
فليتحمل الجميع مسؤليته بنوك ومحافظ وصناديق ...ولم كل هذا التخلي عن المستثمر وماذا عن دور المركزي الذي سمح بدخول الاموال الساخنه والتي انسحبت كلمح البصر وفعلت ما فعلته بالاقتصاد ما يحدث بالاسواق الماليه تجاهل لا مثيل له