أياً كان قرار مورغان ستانلي بشأن ترقية أسواق الأسهم الإماراتية من مبتدئة إلى ناشئة، فيجب عدم التعامل أبداً مع المؤسسة التي يقتفي أثر توصياتها بنوك استثمار عالمية تدير أصولاً بنحو 11 تريليون درهم على أنها جمعية خيرية توزع صدقات أو معونات.
ولا يجوز التعامل مع الترقية –حال حدوثها- على أنها حل نهائي وناجع لكل المشاكل الهيكلية للأسواق المحلية، وعلى رأسها شح السيولة وغياب العمق وانخفاض معدلات الالتزام بقواعد الإفصاح والشفافية.
كما لا يجوز التعامل مع الاستثمارات الأجنبية أصلاً، على أنها المنقذ الذي سيدفع الأسهم والمؤشرات إلى التحليق عالياً، وتوديع القيعان السعرية التي تقبع فيها حالياً، من دون رجعة.
ما من شك أن قراراً إيجابياً بالترقية سيكون له عديد من الإيجابيات أقلها أن أسواقنا المحلية تكون قد استوفت شروطاً وضعتها مؤسسة دولية، تعد واحدة من أهم اللاعبين المؤثرين في حركة التدفقات المالية من وإلى أغلب بورصات العالم المصنفة، لكن مثل هذا القرار يجب أن يوضع في حجمه الطبيعي، حتى لا نبالغ أيضاً في ردة الفعل إذا كان سلبياً، لأن الأسهم المحلية لم يعد بوسعها تحمل المزيد من الضربات.
إن البعض، ومنهم خبراء ومحللون ماليون كبار يملؤون الفضائيات طنيناً، يعلقون مصير الأسهم المحلية على قرار مورغان ستانلي، معتبرين أنه الأمل الوحيد للنجاة من دوامة الهبوط، وانصراف المستثمرين عن السوق بحثاً عن منافذ استثمارية أخرى أكثر أماناً، وهؤلاء يتناسون أن بنوك الاستثمار العالمية لن تضخ سنتاً واحداً في أي سوق ناشئ إلا إذا كانت واثقة بأنه سيعود إليها بعوائد مجزية، ويغفلون أيضاً أن الأسهم المحلية، استقطبت في سنوات الطفرة، التي سبقت الأزمة المالية العالمية مباشرة، أموالاً أجنبية قدرت بعشرات المليارات، رغم أنها لم تكن حينها مصنفة، وكانت تفتقد للكثير من المعايير الصارمة التي تشترطها-الآن- المؤسسات المالية صاحبة هذه الأموال.
ألم يكن نصيب الأجانب (من غير العرب والخليجيين) من التداولات اليومية لسوق دبي المالي يتخطى أحياناً 50 بالمئة، ويزيد؟
حينها كانت هذه الأموال تستهدف الربح وفقط، وحققت غرضها.
بل كانت أول من قفز من المركب، بالتزامن مع وصول آثار الأزمة العالمية إلى شواطئ دبي، وحينها فسر مديرو الاستثمار في بنوك عالمية شهيرة، سلوكهم بالتخارج، بأنهم يسعون إلى استغلال مكاسبهم من السوق المحلية في تعويض الخسائر التي مني بها هؤلاء في بورصاتهم الأصلية.
وفي المقابل فإن وجود بورصات دول عربية مثل مصر والمغرب ضمن فئة الناشئة بحسب تصنيف مورغان لم يقها شر الخسائر الحادة، بل كانت عرضة أكثر من غيرها للتقلبات والتذبذبات السعرية الحادة نظراً لارتباطها بحركة الأموال في البورصات العالمية.
إن استيفاء شروط مورغان ستانلي في حد ذاته، وإياً كان القرار بشأن الترقية، يعد خطوة إلى الأمام، ونقلة نوعية جيدة بالنسبة لأسواقنا المحلية حديثة السن، التي تخطى أقدمها عامه الثاني عشر منذ أشهر.
وما من شك في أن الأسواق في حاجة ملحة إلى استكمال بنيتها التشريعية، بإصدار قانون الشركات الجديد الذي يخفض الحد الأقصى من النسبة الإلزامية للشركات الراغبة في طرح أسهمها للاكتتاب العام، بما يشجع الكيانات العائلية، التي تعد عصب الاقتصاد العالمي، على الولوج لعالم الأسهم الذي يوفر تمويلاً عديم التكلفة، من دون فقدان حق إدارة هذه الشركات التي يعتبرها البعض إرثاً عائلياً لا يجوز إشراك غرباء فيه.
كما أن مزيداً من إلزام الشركات المدرجة بقواعد الإفصاح والشفافية كفيل بتشجيع مزيد من السيولة المحلية على انتهاز الفرص المتوفرة بالفعل في الأسواق.
خلاصة القول، إن الأموال الأجنبية لن تأتي –إذا جاءت- لتنقذ سوقاً هجره أهله.
ولا يصح أن يستجدي البعض مساعدة من مؤسسة، حتى لو كانت بحجم مورغان ستانلي على طريقة «شيء لله».
كلام من ذهب ....