انخفض معدل التضخم في قطر في شهر نوفمبر الماضي إلى مستوى 0.03%، وفق بيانات جهاز الإحصاء، وهو انخفاض بنسبة ضئيلة للغاية نتجت عن اقتراب الرقم القياسي العام للأسعار في ذلك الشهر من مستوى 107.17 نقطة مقارنة بمستوى 107.2 نقطة في الفترة المناظرة من العام الماضي. ورغم نشر الخبر على موقع جهاز الإحصاء منذ أكثر من أسبوع إلا أن الجداول المرفقة على الموقع لم تشتمل على بيانات تفصيلية لشهر نوفمبر مما حال دون إمكانية تحليل هذه الأرقام على النحو المعتاد. على أية حال يمكن الجزم الآن بشكل مؤكد أن معدل التضخم –الشهري-قد خرج بالفعل من المنطقة السالبة في شهر ديسمبر الماضي بعد أن ظل يرتفع بشكل تدريجي منذ منتصف العام. ورغم أن البيان الخاص بالشهر الماضي لن يصدر قبل نهاية الشهر الحالي، إلا إن هناك من الشواهد ما يشير إلى أن ذلك التحول قد حدث بالفعل ومن ذلك ما يلي:
• أن معدلات الإيجارات السكنية قد توقفت عن التراجع وخاصة بعد الإعلان عن فوز قطر بتنظيم المونديال، بحيث لم نعد نسمع عن مزيد من الانخفاض في إيجارات الشقق السكنية، مع حدوث بعض الارتفاع في إيجارات الفلل. ورغم أنه لا يزال هناك أعداداً كبيرة من الوحدات السكنية المعروضة للإيجار في كافة مناطق الدوحة إلا أن أصحاب الإيجارات قد تمسكوا على ما يبدو بمستويات معينة لأسعار التأجير مدفوعين في ذلك بالأمل في أن تؤدي المشاريع القادمة إلى زيادة الطلب على السكن، وأن يختفي بالتالي هذا الفائض الكبير الذي يملأ الصفحات المخصصة للإعلانات في كافة الصحف اليومية وفي الوسيط المجاني.
• أن كثير من الوحدات السكنية المؤجرة لمدرسي المدارس المستقلة وفق الأسعار القديمة قد تم تعديلها بقرار حكومي صدر في ديسمبر -ولكنه يسري بأثر رجعي من شهر أكتوبر- الماضي وبنسب تصل في بعض الحالات إلى أكثر من مائة بالمائة، مما ضاعف من أثر القرار على دخول هذه الفئة المهمة من المجتمع.
• أن أسعار الأراضي قد ارتفعت بعد خبر المونديال، بأكثر من 20% بحيث بات سعر القدم المربع الواحد في منطقة مثل إم صلال –على سبيل المثال-يصل إلى ما بين 155-160 ريالاً، وفي منطقة المشاف بالوكرة إلى ما بين 140-145 ريالاً.
• أن أسعار حديد التسليح قد ارتفعت هي الأخرى في حدود 8-9% وفق ما ورد في الصحف المحلية في الأسبوع الماضي.
• أن أسعار المواد الغذائية قد ارتفعت عالمياً وفق تقرير لهيئة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بحيث عادت إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2008، وذلك نتيجة المشاكل البيئية كحرائق الغابات والتغيرات المناخية التي أضرت بالمحاصيل المنتجة في كثير من مناطق العالم الرئيسية وهو ما فجر موجة جديدة من الاحتجاجات على غلاء الأسعار في بعض الدول كالجزائر وتونس. وهذا الارتفاع العالمي في أسعار المواد الغذائية المستوردة ينعكس بالتأكيد على أسعار السلع الغذائية المناظرة في قطر.
• أن ارتفاع أسعار النفط إلى قرابة 90 دولار للبرميل قد ضغط على أسعار الوقود في كثير من الدول وعلى وقود الطائرات بشكل عام مما رفع تكلفة السفر في موسم عطلات نهاية السنة.
وعلى ذلك نتوقع أن يسجل معدل التضخم لشهر ديسمبر ارتفاعاً يخرج به من المنطقة السالبة لأول مرة منذ عامين كاملين، وربما قفز بأكثر من المتوقع بحيث قد يتراوح ما بين 1-1.5%، وإن كان المعدل الربع سنوي للربع الأخير، والمعدل السنوي لعام 2010 سيظلان سالبين نتيجة أن المعدل كان سالباً معظم فترات السنة. وهذا المعدل رغم ارتفاعه في ديسمبر يظل منخفضاً جداً مقارنة بدول مجلس التعاون التي يصل المعدل في بعضها إلى 6%، ولكنه مع ذلك يتطلب اهتماماً ومراقبة جيدة من الجهات المسئولة بالدولة لمنع انفلاته من عقاله في الشهور التالية.