بدل غلاء المعيشة بين مؤيد ومعارض!

21/11/2010 3
حسين ال غزوي

أصدرت وزارة المالية بياناً توضيحياً لقرار بدل غلاء المعيشة حيث  " أكدت فيه أن صرف بدل غلاء المعيشة اعتباراً من1/1/1429هـ بأثر رجعي، وأن الصرف سيكون بنسبة 5% للعام الأول (1429هـ)، ونسبة 10% للعام الثاني (1430هـ)، ونسبة 15% للعام الثالث (1431هـ)، وذلك من الراتب الأساسي للموظف، حيث يبدأ التنفيذ من خلال المسيرات المرفقة مع مسيرات الرواتب وإيداع المبالغ شهرياً" ويعتبر هذا الشهر هو أخر شهر يتم فيه صرف بدل غلاء المعيشة للموظفين في القطاع العام.

لقد تعددت القراءات الاقتصادية في موضوع بدل غلاء المعيشة بين مؤيد ومعارض لاستمرار البدل وهي في طبيعة الحال لا تخلو من التحيز من الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي، فهناك الكثير من الآراء التي تنظر إلى موضوع بدل غلاء المعيشة أما بنظرة اقتصادية أو اجتماعية أو قد نسميها بأنها إنسانية.

تعدد القراءات الاقتصادية والاجتماعية:

القدرة الشرائية : تعددت القراءات بين الاقتصاديين على أن بدل غلاء المعيشة سوف ينعكس على القدرة الشرائية للمستهلكين بمعنى أنه في حال تم إلغاء بدل غلاء المعيشة سوف يؤثر ذلك بشكل مباشر على رغبة المستهلكين بالشراء مما قد يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على السلع الاستهلاكية.

معدل التضخم : بلغ التضخم في شهر أكتوبر نسبة 5.8% وإشارات التوقعات إلى زيادة هذه المعدل وذلك بالرجوع لمجموعة من الأسباب منها توقعات بزيادة أسعار السلع الاستهلاكية بسبب ارتفاع الأسعار عالمياً حيث سجلت أسعار السلع العالمية حسب مؤشر أسعار السلع ( روتيرز ) أعلى مستويات لها منذ أكتوبر من عام 2008م، وعليه فإن مجموعة من الآراء ترى أن إلغاء بدل غلاء المعيشة لن يؤثر على معدل الضخم ولا على مستوى أسعار السلع الاستهلاكية حيث يرى البعض أن التضخم هو من نوع التضخم المستورد مبررين ذلك بالواردات الخارجية من السلع الاستهلاكية.

العلاقة الطردية بين التضخم والأسعار : أولا لنوضح ما معنى علاقة طردية لكي تصل الفكرة لجميع القراء، بمعنى أن أي زيادة يقابلها زيادة أخرى وأي انخفاض يقابله انخفاض أخر مثال ذلك أن أي زيادة في بدل الغلاء سوف يؤدي إلى زيادة في  الأسعار، وعليه يرى بعض الاقتصاديين أن إلغاء بدل غلاء المعيشة سوف يؤدي إلى انخفاض في الأموال مما سيؤدي إلى انخفاض في الأسعار وخاصة السلع الاستهلاكية وذلك ما يسمى اقتصادياً بالعلاقة الطردية بين التضخم والأسعار.

البطالة : وصل معدل البطالة في المملكة العربية السعودية إلى نسبة 10.5% في عام 2009م ومن المتوقع أن يحافظ على نسبة 10%، وعليه فإن هذه النسبة من البطالة من أفراد المجتمع تقع على عاتق رب الأسرة، حيث تشير الإحصاءات بأنه قد لا تخلو أسرة من وجود عدد من البطالة من الذكور أما الإناث فحدث فلا حرج، وعليه ترى مجموعة من الآراء أن وجود بدل غلاء المعيشة قد يساهم بشكل غير مباشر في ما قد يسمى بإعانة البطالة.

تعدد السكان ومستوى الإنفاق : وصل معدل نمو السكان ما بين تعداد السكان لعام 2004م وعام 2010م إلى نسبة 3.2% ، حيث وصل عدد السكان في المملكة العربية السعودية في عام 2010م إلى (27) مليون نسمة، مما يعنى أن هناك زيادة في عدد أفراد الأسرة الواحدة مما قد يزيد من الأعباء المالية على تلك الأسر، وعليه يرى مجموعة كبيرة أن بقاء بدل غلاء المعشية مهم جداً لتلك الأسر.

الأنفاق ودخل الأسرة: أن أخر مسح إحصائي قامت بها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات كان عام 1427هـ / 1428هـ لما يسمى بـ ( مسح إنفاق ودخل الأسرة )، حيث أشارت تلك الإحصاءات " بأن متوسط إنفاق الأسرة الشهري على مجموعة من السلع والخدمات ( الاستهلاكية وغير الاستهلاكية ) على مستوى المملكة بلغ (10280) ريالاً وللفرد (1805) ريالاً.

وبلغ متوسط إنفاق الأسرة السعودية (13251) ريال وللفرد السعودي (2138)  ريالا" في حين أشارت إلى أن متوسط الإنفاق الاستهلاكي الشهري للأسرة وللفرد على مجموعة السلع والخدمات الاستهلاكية على مستوى المملكة بلغ (8331) ريال وللفرد (1462) ريال وبلغ متوسط الإنفاق الاستهلاكي للأسرة السعودية (10522) ريال وللفرد السعودي (1698) ريال.

في حين أن متوسط دخل الأسرة الشهري على مستوى المملكة بلغ (11092) ريال وللفرد (1947) ريال وبلغ متوسط دخل الأسرة السعودية (14048) ريال وللفرد (2273) ريال، وعليه ترى مجموعة كبيرة من الآراء بأن بقاء بدل غلاء المعشية مهم جداً وخاصة بعد قراءة تلك الإحصاءات التي توضح بشكل كبير مقدار الأنفاق الاستهلاكي في الأسر السعودية علماً بأن تلك الإحصاءات تمت قبل أربع سنوات.

الخاتمة : لقد تعددت الاتجاهات والآراء الاقتصادية والاجتماعية التي ترى في مجملها أن بقاء قرار بدل غلاء المعشية مهما جداً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص، والحقيقة أن هناك الكثير من الآراء الاقتصادية أو الاجتماعية التي تأيد بقاء بدل غلاء المعشية.

وأخيراً لا يسعني إلا أن أقول إننا واثقون بأن هناك قرار سوف يكون في مصلحة الوطن والمواطنين.