كان القطاع العقاري الأسبوع الماضي على موعد مع حدثه السنوي الأضخم في المنطقة، معرض سيتي سكيب العالمي، والذي أقيم في الرياض وبحضور عدد كبير من العارضين، واستقطب المعرض شرائح متنوعة من الزائرين والعارضين على حد سواء، حتى أن المعرض شهد زيارات خارجية وتغطيات إعلامية أجنبية، ورغم أن كل ما وصفته هنا يعد أمر طبيعي لاقتصاد هو الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وضمن قائمة أكبر الاقتصاديات العالمية الـ20 كون المملكة العربية السعودية ضمن دول G20.
إلا أن المعرض العقاري هذه السنة كان منتظر وجاء في وقت يشهد فيه القطاع إعادة تعريف شاملة له كصناعة، بداية من المحفزات الحكومية، والهدف الأبرز لزيادة تملك الأسر السعودية، حيث رفعت القيادة النسبة المستهدفة من 60% إلى 70%، وهذا بذاته يعني مزيد من برامج الدعم للتملك وصولا للمستهدفات.
كذلك فإن القطاع العقاري ومنذ إجازة عيد الفطر الماضية شهد متغيرات كثيرة تحرك قاعدة السوق، عشرات الملايين من الأمتار أعيدت إلى المعروض العقاري من الأراضي، وجاءت بعدها توجيهات القيادة بدراسة سوق العقار وتعديل رسوم الأراضي البيضاء، خصوصا في منطقة الرياض، وبدء العمل في منصة التوازن لضخ قطع سكنية في مدى بين 10,000 و 40,000 قطعة بحسب الحاجة لذلك بأسعار مدعومة.
كما أن الخطاب الملكي السنوي لافتتاح دورة أعمال مجلس الشورى قد نص على تشوهات القطاع العقاري والقفزات السعرية على وجه الخصوص، وهذه دلالة إضافية على عزم القيادة معالجة تشوهات القطاع وتسهيل سبل التملك للأسر السعودية، وبعد ذلك أُعلنت الضوابط الخاصة بالعلاقة التعاقدية بين المؤجر والمستأجر مزمنة بفترة زمنية محددة، وصولا إلى إتاحة المشاركة الأجنبية في قطاع التطوير العقاري لتختتم المتغيرات بالسماح بالتملك الأجنبي للعقارات في السعودية وبنظام آخر خاص يغطي المناطق المقدسة، مكة المكرمة والمدينة المنورة.
إن تسلسل هذه المتغيرات كافة مع الإقبال على التملك وتحرك الأسعار في السنوات الماضية بشكل لا يشبه السوق العقارية نفسها، أعطى أهمية إضافية لهذه النسخة من سيتي سكيب لكونه انعكاس لحال السوق في كافة جوانبه من ملاك للعقارات، مشترين، ومستثمرين ومطورين.
كيف ظهر سيتي سكيب العالمي؟ ظهر بنسخة هي الأكبر اشتمل على أكثر من 577 جهة، اتخذت من المعرض نافذة عرض لها منهم أكثر من 200 جهة مشاركة متخصصة في التطوير العقاري، وقٌدم في هذه النسخة أكثر من 250 ألف وحدة سكنية وكم كبير من الزائرين، اختتم المعرض فعالياته بصفقات اقتربت قيمتها من 240 مليار ريال سعودي أعلى بـ 3% تقريبا عن النسخة السابقة للمعرض.
نجح معرض سيتي سكيب وسط التغيرات في استقطاب المستثمرين والمطورين وبقيت قيمة الصفقات المنفذة في إطار يقارب صفقات النسخة الماضية، إلا أن الأكيد أن القطاع لن يكون كسابق عهده في السنوات الماضية، من حيث الطبيعة والتوجه، فصناعة العقار نفسها تشهد تغير جوهري يرفع من كفاءة المنتج النهائي وأيضا يعزز من جودته.
كما أن متغيرات الرياض محفزة للعمل في المناطق الأخرى من منظور تجاري واستثماري، والأهم من ذلك فإن الركيزة الجديدة للأعمال العقارية ستعتمد على جودة التطوير ليكون هو المحرك الأساس في الإقبال على الشراء والبيع لا قطعة الأرض نفسها.
سيتطلب من المطورين العقاريين تعزيز قدرتهم لتلبية النمو القادم على التطوير، خصوصا وأن القطاع سيتوجه إلى المنتجات النهائية المطورة، أما الأراضي فهي سلعه مكلفة سيبحث ملاكها على سبل لتطويرها وتوظيفها اقتصاديا.
نقلا عن الاقتصادية


