ماذا تعني طباعة 600 مليار دولار لسوق الأسهم السعودي؟

11/11/2010 15
محمد الزاكي

ساهمت خطة الإنقاذ الأولى البالغة 780مليار دولار في وقف انهيار القطاع البنكي وارتداد الأسواق المالية العالمية بعد انحداراها إلى مستويات مرعبة أضرت بالكثير من المستثمرين وأطاحت ببعض أباطرة وول ستريت "مادوف" ثم أعقب ذلك تعافي الاقتصاد من أسوأ ركود ضرب الاقتصاد الأمريكي بعد الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.

الأهداف المعلنة لخطة الإنقاذ الثانية (وهي عبارة عن طباعة 600 مليار دولار وما بات يعرف بالتسهيل الكمي 2 والتي قوبلت بانتقادات حادة أطلقها اقرب الحلفاء "المانيا" واشد المنافسين في الميدان الاقتصادي العالمي "الصين") حماية الاقتصاد الأمريكي من السقوط في براثن الركود مرة أخرى وخلق وظائف تسهم  في تخفيض نسبة البطالة التي تراوح مكانها منذ فترة طويلة عند مستوى 9.6%  وتسببت في متاعب سياسية للحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية الماضية.

الهدفان الرئيسيان للاحتياطي الفيدرالي حسب التفويض الصادر من الكونجرس هما: السعي لتحقيق مستويات عالية من التوظيف، وإبقاء التضخم عند مستوى منخفض كما ذكر في المقال المنشور لبن برنانكي في موقع أرقام بتاريخ 6/11/2010م. 

طباعة 600 مليار دولار بالنسبة للاقتصاد الأمريكي تعني انخفاض الدولار تجاه العملات الرئيسية وهو ما حدث تماما نظرا لتوقعات الأسواق اتخاذ هذا القرار في وقت مبكر من لجنة السوق المفتوحة الفدرالية ما يزيد من تنافسية المنتجات الأمريكية في الأسواق الرئيسية وبذلك يتحقق هدف إنعاش الصادرات الأمريكية وبالتالي انخفاض العجز في الميزان التجاري الذي يميل لصالح الدول  المنافسة وبالتحديد الصين التي سجل فائضها التجاري الشهر الماضي ثاني أعلى مستوى له هذا العام ببلوغه 27.1 مليار دولار.

إن زيادة الاستهلاك المحلي من خلال التيسير الكمي  وارتفاع الصادرات اثر انخفاض الدولار سوف يؤديان إلى انتعاش سوق العمل وبالتالي انخفاض مستويات البطالة كما يأمل ويعتقد به راسمو السياسة النقدية المالية بزعامة بن برنانكي رئيس البنك الاحتياطي الفدرالي. 

القرار الفدرالي أشاع جوا تفاؤليا وأنعش معنويات المستثمرين في الأسواق المالية وقفزت اثر ذلك أسعار السلع والأسهم والسندات بشكل فوري إلا انه لا يعالج المشاكل الجذرية للاقتصاد الأمريكي والعالمي كما يعتقد آخرون لان المشاكل الجذرية أو ما يسميها مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق "بام الأزمات" تحتاج إلى معالجات جذرية ولحل الأزمة الحالية في تصوره إن أول ما يتعين عمله هو الإقرار بأن الأزمة كانت نتيجة لسوء استخدام "إجرامي" من قبل لاعبين معينين في السوق وأن الكثير قد فقد بسبب ذلك وأن أي قدر من طباعة النقود لن يستعيد الثروة الضائعة, ثم يجب على الدول الغنية الجلوس مع الدول الفقيرة على طاولة واحدة من أجل إعداد منظومة نقدية عالمية جديدة مبنية على قاعدة الذهب، ومنظومة مصرفيةً أكثر انفتاحاً، ومنظومة مالية جديدة. 

أو العودة لمعيار عالمي للذهب يحدد من خلاله أسعار العملات والتأكيد على أهمية توظيف الذهب كمرجعية دولية لتوقعات السوق بشأن التضخم وانكماش الأسعار وقيمة العملات في المستقبل كما يرى روبرت زوليك رئيس البنك الدولي من خلال مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز اللندنية حث فيه دول العالم إلى تبني ما أطلق عليه نظام "بريتون وودز 2" للعملات المعومة, خلفا لنظام "بريتون وودز" لسعر الصرف الثابت الذي انهار عام1971م.

ماذا تعني طباعة 600 مليار دولار للاقتصاد الكلي وسوق الأسهم السعودي؟ انخفاض الدولار تجاه العملات الرئيسية وارتفاع أسعار السلع أو ما يعرف بالتضخم المستورد سوف يكون له أثار سلبية على القوة الشرائية للريال و يتسبب في أضرار بالغة لشريحة واسعة من المواطنين ويطحن شريحة أخرى طحنا.

سوق الأسهم السعودي انخفاض الدولار سوف يقود أسعار النفط إلى مستويات قياسية جديدة تكون لها أثار ايجابية على المالية العامة وبالتالي التوسع في الإنفاق  الكلي, من جانب آخر سوف ترتفع أسعار المنتجات الكيميائية في الأسواق العالمية ما ينعكس بشكل ايجابي على نتائج شركات قطاع البتروكميكل الذي يشكل الرافعة وقطب التوازن للمؤشر العام في ظل تقهقر القطاع البنكي جرى أزمة القروض وتعثر سداد كبار العملاء.