استحوذ ما يطرأ على معدل التضخم في قطر من تغيرات على اهتماماتي منذ أن انكمشت الأسعار دون الصفر وباتت الأرقام سلبية لمدة تزيد عن السنة. ومبعث هذا الاهتمام الذي لا يكاد يفتر أن معدل التضخم يشكل في المفهوم الدارج الترمومتر الذي يقيس حرارة الاقتصاد،فإذا ارتفع وتجاوز الخمسة بالمائة كان ذلك دالاً على نمو اقتصادي حقيقي نشط، وإذا ما اقترب من الصفر أو إنزلق دونه،فإن الاقتصاد يدخل في ركود.
وقد وجدنا في الحالة القطرية أن هذه الترابط بين التضخم والنمو لم يعد قائماً؛ حيث نما الاقتصاد في عام 2009 بنحو 9%، وتوقع له صندوق النقد الدولي بأن ينمو بأكثر من ذلك في عام 2010، ومع ذلك ظل معدل التضخم سالباً حتى نهاية النصف الأول من العام 2010. ولأن خصوصية الحالة القطرية تنبعث من كون القطاع العام الذي يشكل نسبة مرتفعة من الناتج المحلي الإجمالي، يمر بحالة نمو استثنائية نتيجة الاستثمارات الضخمة في مجال الغاز، لذا كان من الضروري التركيز على القطاع غير النفطي والغازي في فهم ما يطرأ على معدل التضخم من تغيرات تُبقيه سالباً حتى يونيو 2010.
وبالبحث في معدل نمو هذا القطاع في البيانات الصادرة عن جهاز الاحصاء تبين أنه كان سالباً في الربع الأول من العام بنسبة 3.4%. ولأن بيانات التضخم تصدر شهرياً بينما بيانات النمو تصدر كل ثلاثة شهور، لذا فإن متابعة بيانات التضخم لا تفيد فقط في معرفة اتجاهات الأسعار، ولكنها مهمة أيضاً لمعرفة حالة النشاط في القطاع الخاص وما إذا كان ينمو أنه يغط في حالة ركود.
وكالعادة، كان موقع الإحصاء هو المصدر الذي أحصل منه على البيانات الشهرية عن مستويات الأسعار، وفي حين أن من مسؤولية هذا الجهاز تتعدى نشر البيانات إلى إصدار تقارير شهرية تبين ما يطرأ على معدل التضخم من تغيرات، إلا أنه يكتفي بنشر بيانات الرقم القياسي للأسعار تاركاً للقارئ استنتاج معدل التضخم. وقد طور جهاز الإحصاء ما ينشره من بيانات بحيث بات هناك تقارير شهرية وأخرى ربع سنوية وثالثة سنوية، مع سلسلة ممتدة من البيانات.
ورغم هذا التحسين في الإصدار إلا إنه لا زالت هناك مشاكل يعاني منها الموقع، وبإمكان المطلعين على نشرة الأرقام القياسية الشهرية أن يكتشفوا أن بيانات شهر يونيو غير صحيحة حيث أنها ضِعف البيانات الأصلية وكأن كل رقم في العمود الأخير قد ضُرب في 2. والتعامل مع البيانات كما هي يعني أن معدل التضخم قد تضاعف ما بين شهري مايو ويونيو، وذلك غير معقول. وقد بحثت في الموضوع فوجدت أن وكالة داو جونز قد نشرت خبراً عن معدل التضخم أشارت فيه إلى أن المعدل قد ارتفع في شهر يونيو بنسبة 0.1% عن مايو ولكنه لا يزال أقل من مستواه في يونيو 2009 بنسبة 2.8%، وأن الرقم الخاص بالإيجار والوقود لا يزال منخفضاً عن العام الماضي بنسبة 14.4%.
ومؤدى هذا الخبر أن وكالة داو جونز إما أنها حصلت على الأرقام الصحيحة من جهازالإحصاء أو أنها قسمت أرقام يونيو الواردة في الموقع على 2. وقد تعاملت مع الأرقام المنشورة بهذا المنطق الأخير فتبين لي ما يلي:
1- أن ثلاث مجموعات فرعية من السلع والخدمات قد ارتفعت أسعارها في يونيو هي على التوالي مجموعة التسلية والتعليم والثقاقة بنسبة 1.8%، ومجموعة الأثاث والأجهزة المنزلية بنسبة 0.7%، ومجموعة السلع والخدمات المتفرقة بنسبة 0.6%.
2- أن ثلاث مجموعات فرعية أخرى قد انخفضت أسعارها هي على التوالي: مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 0.8% و مجموعة الغذاء والمشروبات بنسبة 0.4% ومجموعة الإيجار والوقود بنسبة 0.4%.
3- أن مجموعتان فقط لم تتغير أسعارهما في شهر هما العناية الطبية والنقل والإتصالات.
4- أن محصلة الارتفاعات والانخفاضات في شهر واحد قد تمخضت عن ارتفاع الرقم القياسي للأسعار في يونيو بنسبة 0.1% عما كان عليه في مايو.
5- أن التغيرات في سنة عن يونيو 2009 تشير إلى عدم تغير أسعار مجموعة الملابس والأحذية مع انخفاض أسعار مجموعة الإيجار والوقود بنسبة 14.4%، وارتفاع أسعار بقية المجموعات بالنسب التالية:
الأثاث والتجهيزات المنزلية بنسبة 5.7%، السلع والخدمات المتفرقة 5.5، العناية الطبية 3.6%، النقل والاتصالات 2.8%، الغذاء والمشروبات 2.6%، التسلية والترفيه والثقافة، 1.8%، وبالمحصلة لا يزال المعدل السنوي للتضخم منخفضاً- أي سالباً- بنسبة 2.8%، ولكنه ارتفع بذلك عن مستواه في مايو عندما بلغ -3.57%.