بدأ موسم الإفصاح عن نتائج الربع الثاني من العام الحالي رسميا في الإمارات يوم الخميس ما قبل الماضي أي بتاريخ 1 /7/2010 ومنذ ذلك الحين وحتى الآن والمستثمرون يمنون أنفسهم بمفاجآت خاصة وأن العديد من بيوت الخبرة مثل هرمس ودوتشه بنك توقع أن تحقق شركة إعمار العقارية مفاجأة كبيرة في نتائجها للربع الثاني ولعل هذا ما دفع بالكثير من صغار المستثمرين لاحتلال مراكز استثمارية نهاية الأسبوع الماضي .
إن رفع بعض بيوت الخبرة لسقف التوقعات – أرباح إعمار- عن الربع الثاني من العالم الحالي أمر يثير الكثير من الشكوك بين أوساط المتداولين خاصة عندما يصل السقف إلى مستوى 1.9 مليار درهم .. صحيح أن مساهمي الشركة والمستثمرين فيها يتمنون أن تكون هذه الأرقام حقيقية بل وأفضل من ذلك .. وصحيح أيضا أن هذه الأرقام تفتح شهية المضاربين لتحريك السهم ، إلا أن الصحيح أيضا أن الكثير من المستثمرين لا يعرف الدافع لرفع السقف إلى هذا المستوى اللهم إلا إذا كان لبيت الخبرة المعني مصلحة ما .
لا شك أن أي نتائج جيدة - كما جرت العادة - ستدفع السوق للتفاعل الإيجابي معها أما إذا كانت النتائج مفاجأة فمن المرجح جدا أن تشعل السوق بالحركة والمضاربات ، ولذلك كان من الأجدى – حفاظا على الأسواق - لبيوت الخبرة أن تتوقع نتائج جيدة وأن تكتفي بالحديث عن نتائج "أفضل" من الربع السابق وأن لا تزج بكلمة "مفاجأة " في توقعاتها وأن تتجنب ذكر أرقام تظهر "فجوة " كبيرة بين نتائج الفصلين .. وهنا يأتي السؤال المتوقع .. لماذا كل هذا التحفظ على رفع سقف التوقعات ؟
من المؤكد أن نسبة من المتداولين الجدد تتأثر بـ "التحليلات المتطرفة ".. فماذا تنتظر من مستثمر مبتدئ يقرأ أن أرباح شركة إعمار عن الربع الثاني 1.9 مليار درهم والسهم بـ 3 دراهم ؟!.. هل تتوقع أن يفكر كثيرا قبل أن يحتل مركزا استثماريا ؟.. وماذا تتوقع من مستثمر آخر يقرأ أن القيمة العادلة لسهم الدار 9 دراهم ، وتداول السهم يتم عند 2.7 درهم ؟ .. هل تتوقع منه أن يتجاهل مثل هذا التقييم الذي يسيل اللعاب ؟ .. أنا هنا لا أتكلم عن المستثمرين المخضرمين- فالتجربة علمتهم كيف يديرون اللعبة - وإنما أتكلم عن مستثمرين "أغرار " يجهلون المقاصد المكنونة خلف رفع سقف النتائج والتقييمات .. ثم ماذا سيحصل إذا جاءت نتائج إعمار أقل من تلك التوقعات بكثير ؟ .. ماذا سيفعل المضاربون ؟ .. وماذا سيفعل " الأغرار" ؟ .. من المرجح - أمر اعتدناه سابقا – أن يتم الضغط على السهم ومعاقبته لأنه ربح أقل من توقعات بيوت الخبرة ثم سيأتي دور المضاربين الذين سيلجأون إلى وقف الخسارة- STOP LOSS- وبالتالي إلى دفع السهم نحو المزيد من الهبوط ، أما المستثمرون "الأغرار" فسيفشلون في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وسيدفعون الثمن غاليا.
إن التفاؤل بإمكانية تحقيق الشركات وخاصة إعمار لنتائج إيجابية في الربع الثاني من العام الحالي أمر مقبول ومشروع بلا شك ، لكن الإفراط في التفاؤل وفي رفع سقف التوقعات إلى مستويات قد يصعب على الشركة تحقيقها هو واحد من الأسباب التي قد تعيد الأسواق إلى " الدائرة المفرغة " التي قد يكون من الصعب على الجميع اختراقها ، ومن هذا الباب ، وحفاظا على ثقة المستثمرين الجدد ، وتحسبا من الأسوأ نقول : إن التحليل والتوقع أمر مطلوب والتفاؤل شعور مشروع بل وهو ركيزة من ركائز انتعاش الأسواق لكننا في الوقت نفسه نقول لمن يريد رفع سقف التوقعات إلى عنان السماء ، والحديث عن قيم عادلة فلكية هذا ليس تفاؤلا بمقدار ما هو ضرب من ضروب الخيال والأحلام .
نتمنى أن تتماشى نتائج الشركات وخاصة إعمار مع سقف 1.9 مليار درهم ، وأن ينعكس ذلك إيجابا على أداء الأسواق ، ونخشى أن تكون هذه التوقعات مجرد تنجيم وتخمين وأن يتحول فشل إعمار في الوصول إلى هذا السقف مدعاة للمتربصين كي ينهالوا على السهم بيعا وضغطا كما حصل سابقا في مناسبات عديدة .