لم يوضح لنا الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء ما جاء فى بيانه الذى تصدر الصفحات الأولى من الصحف القومية والمعارضة مطلع الاسبوع الجارى والذى يتعلق بسعى الحكومة لايجاد آليات جديدة لإدارة اصول الدولة وبالتزامن مع تصريحات وزير الاستثمار عن ان الحكومة تعمل على تعديل فلسفتها تجاه خصخصة القطاع العام وتلت هذه التصريحات تصريح اكثر إثارة للمشغولين بالشان الاقتصادى القومى يتعلق بحجم الدين العام بتعهد وزير المالية باستمرار خفض الدين إلى حدود لا تتجاوز 50% عام 2015, وفى حقيقة الامر كانت هذه التصريحات بمثابة لغز اقتصادى بالنسبة لى فكيف لهذه الحكومة ان تنجح فى مواجهة التحديات الاقتصادية والتى على راسها التزايد المستمر فى عجز الموزانة.
فلننتظرما سيخرجه لنا نظيف من جعبته من آليات جديدة تطبقها الحكومة مع العلم انها استنفذت كافة محاولاته سواء كانت عن طريق طرح اسهم للاكتتاب العام كما انها لجات الى عمليات البيع لمستثمر استراتيجى فى العديد من الحالات او كما انها حاولت فى إعادة هيكلة العديد من مؤسسات القطاع العام ولم تاتى كل هذه المحاولات بثمارها بعد مما يعكس خلل فى الفكر الاقتصادى المتبع او ان الفساد يعلى فوق النتائج الايجابية ليجعل المحصلة النهاية سلبية بالرغم من نجاح كافة هذه الاليات فى معظم دول العالم المتقدمة والتى تعد اكثر شفافية فى سياستها المالية. � اما عن تصريحات محمود محى الدين بشأن إعتدال الحكومة عن برنامج الخصخصة تعكس ان التطبيق العلمى لسياسات الخصخصة المتبعة على مدار السنوات الماضية لم تكن متفقة مع هدف تعظيم الاستثمار وتقليل أعباء القطاع العام عن الموازنة العامة للدولة بل ان هذه السياسات ادت فى النهاية الى بيع أراضى الشركات المخصخصة وتسريح العمال لنشهد فى الآونة الاخيرة العديد من الاضطرابات العمالية للمطالبة بحقوقهم ولقد اثبتت العديد من الدراسات الدولية ان برنامج الدعم الاجتماعى للعمال المتضررين تعد جزءا مهما فى أى برنامج خصخصة. � وفيما يتعلق بتصريح وزير المالية بشان تخفيض الدين العام وهو بالطبع ليس منعدم الصلة بطبيعة الحال بما سبق فالارقام تشير الى ان الإنفاق على فوائد الدين العام يعتبر أحد أهم عناصر الانفاق العام فى الموازنة وتعكس التزايد المستمر عاما بعد عاما حيث ارتفع من 16.8 مليار جنيه عام 2000/2001 الى 36.8 مليار جنيه فى عام 2005/2006 واصبح 51.9 مليار جنيه فى عام 2007/2008 وترجع الفوائد الى زيادة الدين المحلى بصورة كبيرة، كما يترواح العجز الكلى للموازنة العامة ما بين 8% - 9% خلال ال 4 سنوات الماضية وهو ما يتجاوز أضعاف المستويات التى يمكن ان تكون آمنة مقارنة بنسبة 3% التى اقرها الاتحاد الاوروبى كحد مسموح به لعجز الموازنة العامة ونتيجة لهذا العجز الهائل اتجهت الحكومة الى الاقتراض الداخلى والذى تضاعف 100% خلال حكومة الدكتور عاطف عبيد حيث كا يقدر بنحو 217 مليار جنيه ووصل فى نهاية عهد حكومة عبيد الى 434.9 مليار جنيه فى نهاية يونيو 2004 اى انه زاد بنسبة 100% خلال 5 سنوات واستمر الدين المحلى فى التزايد ايضا بنفس النسبة ببالرغم من تولى الحكومة الحالية الى سياسات اقتصادية مختلفة الا انه من المتوقع ان يتجاوز الدين المحلى حاجز الـ 850 مليار جنيه فى يونيو 2010 وفقا لما هو مقرر فى الموازنة العامة للدولة لعام 2009/2010 وهو ما يعكس ضعف الحكومة فى ايجاد حلول صحية لمعالجة العجز المتفاقم فى الموازنة. � ولكن على ايه حال فانه من الطبيعى ان يتعرض اقتصاد اى دولة الى بعض الصعوبات ولكن الخطورة الحقيقية تكمن فى عدم اعتراف المسئولين عن رسم السياسات الاقتصادية لهذه الصعوبات وبالتالى عدم الرغبة فى اتخاذ القرارات الواجبة لازالة الصعوبعات القائمة, الا انه بين اليات نظيف وتانى محمود محى الدين ووعود غالى الا ان هذه التصريحات تعد فى المقام الاول تصريحات سياسية وتفتقر فى الاساس الى الرؤية الاقتصادية طويلة الاجل كما تفتقر ايضا الى الشفافية لم يعلن احد من السادة الوزراء عن الطرق والاليات التى ستسخدمها الحكومة الحالية فى ادارة اصول الدولة بكفاءة بعيدا عن الخصخصة وفى نفس الوقت ستعمل عل خفض الدين العام الى النصف.