مرحلة جديدة ستشهدها القطاعات الاقتصادية الحكومية عام 2016 تهدف إلى رفع كفاءة تشغيلها؛ وجودة مخرجاتها؛ وضمان تفعيل دورها الاقتصادي على أسس تجارية صرفة.
خصخصة بعض القطاعات العامة من متطلبات إعادة هيكلة الاقتصاد الهادفة إلى تفعيل دور القطاع الخاص؛ خفض الالتزامات الحكومة؛ زيادة معدلات النمو الاقتصادي؛ خفض البيروقراطية في اتخاذ القرارات؛ تحفيز الابتكار؛ خلق المنافسة؛ وجذب الاستثمارات.
يبدو أن قطار الخصخصة بات جاهزًا للانطلاق من محطة المطارات الدولية الرئيسة؛ بدءًا من مطار الملك خالد الدولي بالرياض؛ الذي أعلن عن بدء تخصيصه خلال الربع الأول من العام الحالي 2016.
أزعم أن المطارات والموانئ أكثر القطاعات الحكومية استعدادًا للخصخصة؛ وأقربها للأنشطة التجارية المتعارف عليها في القطاع الخاص؛ وأكثرها حاجة للتطوير وكفاءة التشغيل وتعظيم الدخل بما يسهم في خلق موارد حكومية جديدة؛ وخفض التزاماتها المالية المؤثرة.
برغم متطلبات «الخصخصة» ومخاطرها؛ تبقى الخيار الأمثل للحكومة لإحداث التغيير والتطوير على أسس عملية منضبطة.
لسنا شذوذًا لقاعدة التخصيص؛ فما أثبت نجاحه عالميًا يمكن استنساخه محليًا وفق المعايير والمتطلبات الضامنة لتحقيق النجاح.
تحسين أداء المرافق المراد خصخصتها؛ وضمان إنتاجيتها وربحيتها من متطلبات الخصخصة الرئيسة.
بيروقراطية الإدارة الحكومية؛ وترهل قطاعاتها المهمة؛ وضعف مواردها المالية؛ وتدني جودة خدماتها لا يمكن معالجتها إلا من خلال برامج التخصيص.
التحول التدريجي المنضبط نحو اقتصاد السوق سيعزز المنافسة القادرة على رفع جودة الخدمات وضبط الأسعار؛ إلا أن وجود التشريعات المنظمة للسوق؛ والضامنة لحقوق العاملين في القطاعات المستهدفة بالتخصيص؛ والمستهلكين المتوقع تأثرهم بدفع تكاليف الخدمات يمكن أن تجعل من عمليات التحول أكثر انضباطًا؛ وتحدٍ؛ في الوقت عينه؛ من انعكاساتها السلبية. التطبيق الأمثل للخصخصة يستدعي وضع التشريعات والقوانين وتهيئة بيئة الأعمال؛ إضافة إلى إنشاء جهاز مستقل للخصخصة.
عندما تتحول الخصخصة إلى برنامج حكومي متكامل؛ يصبح خلق جهاز مستقل لإدارتها من أهم الضروريات.
تراكم الخبرات ستساعد في تحسين عمليات التحول؛ وبرامج الخصخصة مستقبلاً وتجاوز المعوقات ومعالجة المشكلات الطارئة.
برغم التحفظات التي يبديها بعض المختصين؛ أعتقد أن خصخصة المطارات ستكون أكثر كفاءة مما يعتقد؛ فطبيعة المطارات التجارية؛ وإدارتها من خلال هيئة مستقلة سيساعد كثيرًا في إنجاح عمليات التحول إلى القطاع الخاص؛ وإذا ما أضفنا إلى ذلك تحويل المطارات المستهدفة إلى شركات مستقلة؛ في المرحلة الأولى؛ يصبح الأمر أكثر توافقًا مع متطلباتها.
التعامل الأمثل مع مشكلات الخصخصة الطارئة وفي مقدمها القوى البشرية يمكن أن يدعم البرامج المستقبلية؛ التي سيعتمد المضي فيها؛ على حجم النجاح المحقق.
مساهمة المطارات السعودية في الناتج المحلي ما زالت محدودة جدا؛ في الوقت الذي نجحت فيه بعض مطارات الدول المجاورة في رفع مشاركتها بشكل لافت ومؤثر؛ والاستحواذ على الحصة الأكبر من سوق الطيران في المنطقة.
بقليل من الجهد يمكن تحويل مطار حائل إلى أهم مطارات الربط العالمية؛ ورفع حجم تشغيل مطار الملك فهد بالدمام؛ وزيادة حصته السوقية التي تقلصت بشكل كبير لمصلحة مطارات المنامة؛ دبي؛ أبوظبي؛ والدوحة؛ وتحسين أداء مطاري الملك عبدالعزيز بجدة؛ والملك خالد في الرياض.
إضافة إلى ذلك فتطبيق نظام البناء والإعادة والتشغيل (BTO) سيسهم في تطوير المطارات الأخرى التي ربما تأخر تطويرها لأسباب مرتبطة بخفض الإنفاق الحكومي.
خصخصة المطارات هي العلاج الأمثل لرفع كفاءتها التشغيلية؛ وجودة مخرجاتها؛ وضمان تطويرها وتحويلها إلى أهم مطارات المنطقة؛ إضافة إلى خفض التزامات الحكومة المالية؛ وتحقيق دخل مستدام يسهم في تنويع مصادرها مستقبلاً على أسس تشغيلية كفؤة.
بل أجزم أن سبب تأخرنا في صناعة الطيران ربما يعزى إلى ضعف الإدارة المعنية بشؤون المطارات.
عدم التدخل في شؤون الشركات العالمية الراغبة في إدارة وتشغيل المطارات من أهم متطلبات النجاح.
التشريعات الجديدة ذات العلاقة بالسماح للشركات الأجنبية بدخول السوق بنسبة تملك 100 في المائة ستسهم في تحقيق التنافسية الضامنة لجودة الخدمات وعدالة الأسعار.
«الخصخصة» أحد أهم مكونات برنامج التحول الوطني؛ وأكثرها التصاقًا بالمواطنين من جانبي الخدمات؛ والاستثمار.
ومن المهم أن تبدأ بالمطارات السعودية التي ربما كانت أكثر القطاعات استعدادًا لعمليات التحول المستهدفة؛ ما قد يساعد على دعم المشروع الوطني؛ وتحفيز الحكومة على الاستمرار في خططها الإصلاحية الرامية إلى إعادة هيكلة الاقتصاد.
نقلا عن الجزيرة