المتابع لما يجري فى العالم من مفاوضات ونقاشات وتصريحات حول المياة بين الدول المتشاطئة يلحظ بوضوح الخلافات والمشاكل المعقدة بين هذة الدول فالمياه تشكل الركيزة الاساسية فى كثير من النواحي الاقتصادية والبيئية والطبيعية والاقليمية لكثير من الدول. ففى افريقيا يمر نهر النيل بتسع دول من منبعة حتى مصبة ولكن هناك تفاوت فى تقسيم المياة بين هذه الدول حسب الاتفاقيات التى ابرمت وحددت لبعضها النصيب الاكبر من حصة المياة من باقى الدول. ففى هذة الايام تظهر بوادر صراع قريب على مياة نهر النيل بين دول المنبع السبع من جهة ودولتى المصب السودان ومصر من جهة اخرى.
فعندما وقعت اتفاقيات مياة النيل فى دول حوض النيل سابقا لم يكن النمو السكانى كما هو الان فعندما وقعت اتفاقية العام 1959 والتى نصت على ان يكون نصيب مصر من المياة مايقدربـ (55) مليار متر مكعب وللسودان (18) مليار متر مكعب فان عدد السكان فى العالم آنذاك كان (2.6) بليون نسمة اما الان فان العدد يفوق الـ (6) بليون وذلك بناءاًعلى احصائيات صندوق التعداد السكانى التابع للامم المتحدة،، ويتوقع صندوق التعداد ان عدد السكان سوف يتجاوزالـ(9) بليون نسمة فى العالم عند حلول العام 2050 وإن معظم الزيادة الحالية والمتوقعة لسكان العالم يتوقع حدثوها فى الدول النامية او الاقل نمؤاً حيث يتوقع ان يزيد عدد سكان الدول النامية من (5.4) بليون نسمة حسب الاحصائيات فى عام 2007 الى (7.5) فى العام 2050 وبالتالى فان الحاجة الى المياة سوف تتزايد مع هذا التزايد الكبير فى السكان.
ومن هذا المنظور طالبت سبع دول من دول حوض النيل دول (المنبع) وهى (اثيوبيا اوغندا الكنغو الديمقراطية بوروندى تنزانيا كينيا رواندا)بتقسيم عادل لمياة النيل واعلنت هذة الدول انها سوف توقع اتفاقاً اطارياً فى مابينها دون مشاركة دولتي (المصب) (السودان ومصر)لتحديد الاستخدام العادل لمياة النيل وترى فى ذلك ان اتفاقها يقوم على الممارسات المدرجة فى القانون الدولي. فاذا نظرنا الى الاستقرار النسبي الذى حل بدول حوض النيل فى السنوات الاخيرة من النواحى الامنية والاقتصادية فنتوقع انها سوف تطالب بشدة على اعادةصياغة تلك الاتفاقية، مع تمسك مصر بحقها الذى كفلته لها تلكم الاتفاقيات.