مما لا شك فيه أن مورد المياه هو أهم وأعظم الموارد الطبيعية التي وهبها الخالق سبحانه وتعالى للإنسان، ورغم ذلك فإننا نعيش أيامنا هذه أزمة مائية قد تصل بنا إلى أجل غير مسمى .. تلك الأزمة التي تشهدها دول حوض النيل (الأندوجو) ومطالبة بعض الدول منها بتوزيع أكثر عدلاً لمياه النيل ...
ودول حوض النيل "الأندوجو" وهو المسمي الذي يطلق علي التسع دول الإفريقية التي يمر فيها نهر النيل، والذي يغطي مساحة 3.4 مليون كم²، من منبعه في "بحيرة فيكتوريا" وحتى المصب في "البحر المتوسط"، وتنقسم هذه الدول إلى "دول المنبع" وتضم أوغندا، تنزانيا، إثيوبيا، رواندا، كينيا، الكونغو الديمقراطية، بوروندي و"دولتا المصب" وهي مصر والسودان بالإضافة إلى دولة اريتريا "كمراقب" ..
ويحق لمصر استغلال 55 مليار متر مكعب من مياه النيل من أصل 83 مليار متر مكعب تصل إلى أخره في السودان والتي يتبقى لها نحو 18 مليار متر مكعب، ويأتي هذا الحق منذ 1902 حيث اتفاقية أديس أبابا، ومرورا باتفاقية أوغندا عام 1929، وحتى اتفاقية 1959، ولكن وبعدما طالت على مر السنين مطالبات الدول السبع الأخرى ( دول المنبع) - وبلا جدوى - لتوزيع أكثر عدلاً لمياه النيل،، ها هي الآن تطالب رسمياً وعبر محكمة العدل الدولية في حقها بتوزيع متساوي لمياه النيل ..
وأكدت تلك الدول السبع أنها ستقوم بتوقيع اتفاقية منفردة بدون مصر والسودان في الرابع عشر من مايو الجارى تعطيهم حقاً متساوياً في مياه النيل، إلا أن دولتا المصب رفضتا هذا الإجراء وأكدا أن هذا الموقف يعبر عن وجهة نظر الدول السبع فقط وأن لمصر والسودان حقاُ تاريخياً في استغلال مياه النيل على النحو الحالي ..
ولكن هل ستنجح دولتا المصب في السيطرة على الوضع واستمرار حقهما التاريخي باستغلال مياه النيل خاصة وأن هذه الأزمة تمثل لبلادهما قضية أمن قومي لما لها من أهمية عظمى في البلدين ؟؟
أم أن دول المنبع ستنجح في إشعال حرباً مائية قد تكون هي الأخطر على المنطقة خاصة مع وجود أزمة قائمة بالفعل لهذا المورد،، والتي جاءت لعدة أسباب منها الظواهر الطبيعية وكذلك الزيادة المستمرة في عدد السكان بالإضافة للاستغلال الخاطئ وعدم وجود استراتيجيات علمية وسليمة لاستخدام هذا المورد الذي كان يُعد أرخص موجود.. ولكنه قطعاً أصبح.. أعز مفقود !!