لا اعرف عدد موظفي قطاع تجارة التجزئة في السعودية و ربما لا احد يعرف بالظبط لان هناك علاقة غير واضحة بين الملكية و التوظيف بسبب اما طريقة الاستثمار الاقل وضوحا اقتصاديا او التستر. القطاع يوظف 10% من الايدي العاملة في امريكا. اذكر امريكا في هذه الزاوية بالذات لان هناك درجة من التطابق بين الاقتصاد الامريكي و السعودي من حيث اهمية الاستهلاك في الاقتصاد. اغلب موظفي القطاع في امريكا من خريجي التعليم العام لان اغلب وظائف القطاع لا تتطلب تعليم عالي، كذلك هذا واضح من موظفي القطاع في السعودية. متوسط اجر الساعة في اكبر شركة تجزئة امريكية- والمارت يبلغ 68 ريال للساعة، اذا افترضنا 8 ساعات عمل و خمسة أيام في الاسبوع، ننتهي باجر شهري يبلغ 12500. تعديل الهيكل في تجارة التجزئة السعودية يقود لتوظيف مجزئ لعدد كبير من المواطنين.
لن يحدث توظيف مجزئ دون هيكلة القطاع لاسباب كثيرة. اولها غياب البعد المؤسساتي للقطاع في ظل ما يسمى بالاستثمار فيه من خلال الكثير من المراكز الصغيرة في كل شارع تقريبا التي يسيطر عليها وافدين، و بالتالي التوظيف فيها غالبا من نفس جنسية المستثمر. هذه المراكز مجتمعة تقوم بمنافسة الشركات السعودية الكبيرة و التي غالبا مطروحة للملكية العامة. تكاثر الشركات الصغيرة يحد من قدرتها على الاستثمار خاصة في التقنية لارتفاع التكلفة و يمنع الشركات العامة من التوظيف المجزئ بسبب ضعف الربحية. ثانيا ساعات العمل التي لا يمكن قبولها للمواطن و لكن مقبولة لوافد اما مالك او يقيس الأجر مقابل ما يحصل عليه في بلده، مقارنة غير متوفرة للمواطن. تعديل الحالة هيكليا يقود لبعض الاعراض.
لا يمكن الحديث في اي زاوية اقتصادية دون الوعي بالروابط الاخرى المباشرة و غير المباشرة. اهم الاعراض ان توسع قطاع التجزئة جزء من ظاهرة الخلط بين التوسع و النمو في توصيف الاقتصاد السعودي و بتاثير مباشر على قطاع العقار ضعيف الانتاجية، و بالتالي تراكم العيوب الهيكلية. لا يمكن ان يكون غالب التوظيف لخريجي تعليم عالي مميز لان المعتاد ان نصف الناس او اكثر لا يرغب او ليس لديه الاستعداد لتعليم عالي. تكاثر توظيف الوافدين يقطع الطريق على توظيف اعداد كبيرة من المواطنين و يخفض اجهورهم الى ما دون غير المقبول لحياة كريمة ولو مؤقتة. ايضا توظيف الوافدين بهذه الاعداد يرفع تكلفة الفاتورة المجتمعية من حيث الدعم و الامن و تسرب النقد الاجنبي و يعوق تطور القطاع تقنيا و بالتالي يصبح احد اسباب عدم مرونة الاقتصاد السعودي و تطوره الشامل. من الآثار الغير مباشرة تشويه التعليم و اضعافه لان الغالبية سوف تتجه للتعليم العالي دون مقومات او حتى رغبة. ايضا حين
ينخرط آلاف في وظائف مجزية ترتفع نسبة المشاركة في سوق العمل و غالبا ترتفع الانتاجية لان الاجور سوف ترتفع بسبب المنافسة و خاصة إذا سمحت الانظمة بالتخلص من المقصر، فليس افضل من مؤسسة المنافسة لرفع الانتاجية. من المستهدفات ايضا ان النجاح في هيكلة قطاع كبير و مؤثر سوف ترفع المعنويات و قيمة الانجاز للكثير بما في ذلك التوجهات التنموية.
الرؤيا تعبير عن رغبة قيادية بنهضه المجتمع و لذلك لابد من اعادة النظر لسوق العمل من منظار التنمية الشامله. الكثير يتحدث عن التوطين و كانه احتكار للوظائف العليا و الوسطى و هذا في نظري خطأ منهجي قبل ان يكون اقتصادي لان الاقتصاد الطبيعي متكامل من ناحية سلم التوظيف بما يسمح للارتقاء الوظيفي، و توزيع القدرات الطبيعية للبشر. ساهمت الرؤيا المباركة في ارتفاع نسبة المشاركة و خاصة للنساء خاصة ان العمل بالساعة سوف يتيح فرص عمل مرنة للكثير من النساء و الطلاب و المبتدئين في سلم العمل. كذلك العمل بالساعة تعبير عن مدى الدقة و القياس في الاعمال و بالتالي مدلول على قياس الانتاجية. هيكلة الاقتصاد لا تبدا فقط من القمة في التوظيف بل قد تكون اعلى عائد مجتمعي من اول السلم، و هذا لا يتناقض مع اعلى و وسط السلم، و لكن الاعداد اكبر في القاعدة.
خاص_الفابيتا