التداول علم وفن لا يتقن أسراره سوى من حقق التزاوج بين العقل والقلب، بحيث لا يقدّس المنطق التحليلي في كل مناسبة، ولا يحكّم العاطفة في كل موقف؛ بل يوازن ما بين التحليل العلمي وإدارة المخاطرة القائمة على التجربة الطويلة.
إن لكل شخص عبر الزمان تجارب لا يمكن له أن يتجاوزها حتى ولو كانت مواقف صغيره تستوقفه ، فما بالك لو كانت المواقف كبيرة وجب عليه تداركها والتريث عندها كثيراً ، فقد علمتني أسواق المال أن الثبات في عقل المتداول لا في الأسواق؛ لأنها في حركة مستمرة لا تعرف سكوناً، وأن الانتظار قبل الدخول أو الخروج هو من أهم سمات المتداول الناجح، وأن الأسعار إذا اصطدمت بمناطق البائعين بدءاً بالنزول، فهي غالباً تتحرك باتجاه مناطق المشترين.
وخلال مسيرتي بالتداول ، اكتشفت أنه ينبغي ألا أحمّل التحليل الفني أكثر مما يجب، أو أجازف في التداول بكامل المحفظة، بل أستثمر بعض أموالي فقط، حتى لا أخسرها كلها؛ وأنك مهما حاولت فلن تكون أول من يخرج من الورقة المالية.
أما حين يدب الرعب في الأسواق، فلا شيء يعادل أهمية انتظار فرص الدخول. في الوقت الذي أغير فيه خطة التداول الخاصة بي حين يبلغ التفاؤل أوجه، ببساطة شديدة، أنا لا أتمنى أكثر مما يجب، وأؤمن أن خسارة صفقة لا علاقة لها بما سيحدث في الصفقة القادمة، وأن من لا يسارع إلى وقف الخسارة عند حدوثها أشبه بمن يقود سيارة دون فرامل.
لا أكترث عادة لآراء الآخرين، بل أتخذ قراراتي بنفسي حسب استراتيجية الدخول، مع إدراكي لحقيقة أن الاستراتيجية غير الواضحة في الدخول والوقف والهدف لا فائدة من تعلمها، ولم يغب عن بالي يوماً مدى أهمية تنويع القطاعات، لذا أحرص على أفضلها فنياً ومالياً، كما أحرص على التعلم والقراءة المستمرين، لأنهما من أجمل محطات العمر، ولأن النجاح مرهون بتطوير الذات.
إن التحليل سهل والتداول صعب، لهذا يجب على المتداول أن يحذر من سطوة الطمع والخوف على تفكيره، لأنهما يعدان ألدّ أعدائه. وعليه أن يدرك أن المضاربة بالأسهم الهابطة أكثر خسارة من سواها مهما بلغ المرء من خبرة واحترافية، تعلمت أيضاً أن تقليل المخاطر أفضل طريقة لتدريب النفس على تجاوز عقبات التداول، وأن التحليل الفني ليس إلا محض احتمالات فحسب، لذلك فمن يتكلم بلغة الجزم في الأسواق لا يفهم الأسواق فعلاً.
وأثناء مسيرتي بالتداول ، اكتشفت أن أهم المكتسبات في الأسواق هي العلاقات الطيبة مع الأصدقاء، والحكمة في التعامل مع المواقف الصعبة، تذكر دوماً أنه قبل الشروع في تداول الأوراق المالية ، عليك أن تنمي سيطرتك على عقلك وقلبك، وتصقل مهارات تحليل أوضاع السوق وقراءة الرسوم البيانية؛ حتى تكتسب ثقة كبيرة بقدرتك على قراءة الأسواق.
وفي الختام، أكبر خصم ستواجه أثناء التداول هو ذاتك، فمتى ما شعرت بالثقة بالنفس وأنك غير مكبل بالمخاوف حينها تستطيع الإنسياب مع تيار الأسواق والقدرة على تحمل طول الطريق الموصل إلى حيث تريد وتطمح .
خاص_الفابيتا