للمتداول قصير الأجل.. كيف تستفيد من مؤشر القوة النسبية (RSI)؟

09/11/2025 0
عمر علاء

يبحث المتداولون في أسواق المال عن أدوات دقيقة تساعدهم على اتخاذ قرارات بيع وشراء أكثر فاعلية، خاصة في فترات التقلبات السعرية الحادة. ومن بين أبرز هذه الأدوات يأتي مؤشر القوة النسبية (Relative Strength Index - RSI)، أحد أشهر المؤشرات الفنية لقياس الزخم السعري وتحديد حالات ذروة الشراء وذروة البيع.

طوّر المحلل الأمريكي ويلز وايلدر (Welles Wilder) هذا المؤشر عام 1978، وقدم فكرته في كتابه الشهير "المفاهيم الجديدة في أنظمة التداول الفني"، ويُعد مؤشر القوة النسبية من مؤشرات التذبذب (Oscillators) التي تتراوح قراءتها بين 0 و100 نقطة، وعادةً ما يُحسب على فترة 14 يومًا، تشير قراءة 70 نقطة أو أكثر إلى دخول السهم منطقة ذروة الشراء  (Overbought)، في حين تعني قراءة 30 نقطة أو أقل دخول منطقة ذروة البيع  (Oversold).

تكمن أهمية هذا المؤشر في قدرته على قياس سرعة التغير السعري للأصل المالي، وبالتالي تحديد ضعف الزخم في الاتجاه الحالي قبل أن يظهر ذلك فعليًا على حركة السعر. ولهذا يُستخدم مؤشر القوة النسبية بكثرة في الأسواق الجانبية (ليست صاعدة أو هابطة) أو في فترات التذبذب، كما يمكن الاعتماد عليه لتأكيد أو نفي الاتجاه السائد عند وجود "ترند واضح".

 

يساعد مؤشر القوة النسبية المتداولين على ضبط نقاط الدخول والخروج بدقة، مما يقلل مخاطر الشراء عند القمم أو البيع عند القيعان. كما يمكن استخدامه لتحديد حالات التباعد (Divergence) بين المؤشر والسعر، وهي من أهم الإشارات الفنية التي تُستخدم لتوقع الانعكاسات المحتملة في الاتجاه، ويوجد العدد من أنواع التباعدات في مؤشر القوة النسبية.

أولاً: الانحراف الصاعد العادي (Regular Bullish Divergence): يحدث الانحراف الصاعد العادي حين يكون السعر قاعًا أدنى من القاع السابق، بينما يكون المؤشر قاعًا أعلى من القاع السابق، مما يشير إلى ضعف في الاتجاه الهابط واحتمال انعكاسه نحو الصعود، وتكون هناك فرصة للشراء في ذلك الوقت.

ثانياً: الانحراف الهابط العادي (Regular Bearish Divergence): يحدث الانحراف الهابط العادي حين يكون السعر قمة أعلى من القمة السابقة، بينما يكون المؤشر قمة أدنى من القمة السابقة، مما يشير إلى ضعف في الزخم الصاعد واحتمال انعكاس الاتجاه نحو الهبوط، وتكون هناك فرصة للبيع في ذلك الوقت.

ثالثاً: الانحراف الصاعد الخفي (Hidden Bullish Divergence): يحدث الانحراف الصاعد الخفي حين يكون السعر قاعاً أعلى من القاع السابق، بينما يسجل المؤشر قاعاً أدنى من القاع السابق، مما يشير إلى استمرار الصعود بعد التصحيح، ويظهر ذلك أثناء التصحيحات في الاتجاهات الصاعدة، وتكون هناك فرصة شراء مع استمرار الاتجاه الصاعد.

رابعاً: الانحراف الهابط الخفي (Hidden Bearish Divergence): يحدث الانحراف الهابط الخفي حين يكون السعر قمة أدنى من القمة السابقة، بينما يسجل المؤشر قمة أعلى من القمة السابقة، مما يشير إلى استمرار الاتجاه الهابط بعد انتهاء التصحيح، ويظهر ذلك أثناء يظهر أثناء التصحيحات في الاتجاهات الهابطة، وتكون هناك فرصة بيع مع استمرار الاتجاه الهابط.

يسجل مؤشر القوة النسبية لسوق الأسهم السعودي (تاسي) حاليًا مستوى دون 30 نقطة، ما يعكس موجة بيع عنيفة خلال الأسبوعين الماضيين. وتشير هذه القراءة إلى تراجع الزخم الصاعد واحتمال استمرار الاتجاه الهابط على المدى القصير، ما قد يستدعي الحذر من عمليات الشراء غير المدروسة في هذه المرحلة.

رغم شعبيته الواسعة، لا يُعتبر مؤشر القوة النسبية أداة مثالية. فقد يعطي أحيانًا إشارات كاذبة بانعكاس الاتجاه، أو يظل في مناطق ذروة البيع أو الشراء لفترات طويلة خلال فترات الزخم القوي، كما أنمؤشر القوة النسبية لا يأخذ في الاعتبار العوامل الأساسية مثل نتائج الأعمال أو الأخبار الاقتصادية، ما يجعله بحاجة إلى تأكيد من أدوات أخرى كأحجام التداول أو مؤشرات الاتجاه العام.

خلاصة القول، يُعد مؤشر القوة النسبية أداة فعالة للمتداولين قصيري الأجل لتحديد توقيتات الدخول والخروج بدقة أعلى، خاصة في الأسواق المتذبذبة. ومع ذلك، فإن نجاح استخدامه يعتمد على دمجه مع تحليل الاتجاه العام وأدوات فنية أخرى لتأكيد الإشارات، في النهاية، يبقى مؤشر القوة النسبية أحد أكثر المؤشرات الفنية التي تمنح المتداول زاوية إضافية لفهم الزخم السعري، لكنه لا يغني عن التحليل المتكامل للسوق.