إدارة المخاطر والإستراتيجية

07/03/2022 0
هادي عبد الواحد آل سيف

أحد أهم الدروس التي يمكن الاستفادة منها من الأزمات المالية التي ألمت بالعالم ولعلنا هنا أركز على الأزمة المالية عام 2008م بشكل خاص، فعند التأمل وقراءة كثير من تفاصيل تلك الأزمة على الأغلب سوف تخرج بحصيلة من الدروس والكثير من الأسئلة، وبعض القناعات، أو على الأقل الافتراضات. 

واحدة من تلك الافتراضات هي محاولة إعادة تموضع إدارة المخاطر في المنظمات من خلال دمجها في عمليات الإدارة الإستراتيجية وفي إجراءاتها التشغيلية اليومية. أي محاولة فهم المخاطرة في إطار السياق الإستراتيجي. سعياً لدمج إدارة المخاطر مع الإستراتيجية والهدف هو حوكمة أكثر فعالية، وإدارة أداء، وسرعة استجابة للظروف السوقية المتغيرة.

عندما تبدأ المنظمات مبادرات لإدارة المخاطر أو حتى في إعادة التفكير في نهجها الحالي لإدارة المخاطر، فهناك نوع من الجدل في كثير من الأحيان لتحديد من الذي يجب أن يتولى قيادة العملية. وغالباً ما يفشلون في تحديد الأفراد الذين يمكنهم أن يضعون هذه العملية من منظور استراتيجي. ونتيجة لذلك، تُحال عمليات إدارة المخاطر المؤسسية إلى أنشطة تركز على الامتثال/الالتزام compliance focused (على الرغم من أهميتها، إلا أن مسؤوليات الامتثال/الالتزام هذه لا تعزز التفكير بشأن المخاطر الناشئة عن أحداث الاقتصاد الكلي والتحولات الجيوسياسية الناشئة والتقنيات الناشئة وتحركات المنافسين وغير ذلك من المخاوف الاستراتيجية المهمة) كما يتم التركيز على تقليل ومنع الخسائر مع قليل من الارتباط بعملية تطوير الاستراتيجية strategy وتنفيذها. 

معظم أطر عمل إدارة المخاطر المؤسسية لا تقدم توجيهات تفصيلية حول مشاركة مدراء المخاطر في مرحلة وضع الإستراتيجية ومرحلة التنفيذ. فالعلاقة بين استراتيجية الأعمال وإدارة المخاطر المؤسسية ضعيفة نسبياً. ما المطلوب هنا؟ المطلوب هو إعادة هيكلة علاقة المنظمة بإدارة المخاطر بشكل جذري، وإعادة النظر في المكانة التي تشغلها المخاطرة في عمليات الإدارة الإستراتيجية للمنظمة وفي عملياتها التشغيلية اليومية.

ينبغي على قادة المنظمات أن يحددوا لكل هدف إستراتيجي على خريطتهم الأحداث المنطوية على المخاطر التي قد تؤدي إلى الفشل في تحقيق الأداء المستهدف. 

لو استعرضنا تعريف COSO في تقريرها "إدارة مخاطر المؤسسة: الإطار المتكامل" Enterprise Risk Management: Integrated Framework عام 2004م، حيث عرفت إدارة المخاطر بأنها "عملية يتم تنفيذها من جانب مجلس إدارة المؤسسة/الكيان، وإدارتها، وموظفيها الآخرين، ويستخدمونها عند وضع الاستراتيجية وعلى مستوى المؤسسة بأكملها، ويتم تصميمها على نحو يتيح تحديد الأحداث المحتملة، التي قد تؤثر على الكيان وإدارة المخاطر لتكون ضمن نزعتها/شهيتها/قبولها للمخاطر، ما من شانه توفير تأكيد معقول فيما يتعلق بتحقيق أهداف الكيان". 

الأمر المهم هُنا، هو أن ارتباط المخاطر والاستراتيجية يخلق فرصة كبيرة لمجلس الإدارة والإدارة التنفيذية لتولي قيادة عملية إدارة المخاطر المؤسسية التي تكون قادرة على وضع إدارة المخاطر المؤسسية من موقع استراتيجي strategic position ذي قيمة مضافة value-adding للمنظمة. واحدة من التساؤلات هي ما أثر المخاطر على الاستراتيجية؟ لعل الإجابة الأسهل هي أن المخاطر تُهدد الخطة الإستراتيجية للمنظمة وبالتالي القدرة على تنفيذ الإستراتيجية، ومن تلك المخاطر تحركات المنافسين، والتغيرات التقنية الجديدة/الناشئة، تغير نموذج العمل، التغيرات الديمغرافية، التغيرات التنظيمية، بالإضافة للعديد من المخاطر/العوامل التي تؤثر على قيمة المنظمة في الأجل الطويل.

 

 

 

خاص_الفابيتا