رأس المال الجريء

08/10/2020 1
فهد عامر الأحمدي

في عام 2006 دفعت ألفابيت "المالكة لجوجل" 1.65 مليار دولار لثلاثة طلاب مقابل موقع متواضع يدعى يوتيوب.

وأقول "متواضع" لأن خبراء تصميم المواقع يعرفون سهولة إنشاء مواقع الفيديو بمبالغ ضئيلة نسبيا. أنا من الأشخاص الذين لم يفهموا في ذلك الوقت سـر هذه الصفقة الضخمة، خصوصا أن جوجل كانت حينها تملك موقعا مشابها يدعى Google Video "ألغـته نهائيا عام 2009".

غير أن الأرباح الخرافية التي يحققها اليوتيوب هذه الأيــام "15 مليارا في 2019 وحده" تثـبت أن خبراء الاستثمار في جوجل كانوا على دراية بما يفعلون، بل إن ما فعلوه مع اليوتيوب كرروه مع 460 شركة وخدمة ناشئة اشترتها جوجل قـبل أن تنضج "بما في ذلك برنامج التشغيل أندرويد الذي اشترته بــ50 مليون دولار من المهندس أندرو روبين، وحققت بفضله أرباحا تجاوزت 30 مليار دولار حتى الآن".

وما تفعله جوجل مجرد أمثلة لما يعرف في عالم الاستثمار بـرأس المال الجريء أو Venture capital الذي يفضل المغامرة واقتحام أسواق جديدة ومختلفة.

يتشكل غالبا من مجموعات مالية عملاقة، وصناديـق استثمارية جريئة، وشركات عملاقة تبحث عن أفكار ومشاريع رائــدة. رأس المال الجريء هو الذي ساعد طالبا ماكرا يدعى زوكربيرج على تأسيس الفيسبوك ودخول قائمة أغنياء العالم، وهـو من ساعد لاري بيج وسيرجي برين بعد أن فشلا في بيع "محرك جوجل" على محركات البحث المعروفة حينها، وهـو أيضا من سـاعد مبتكرين ورواد بـسـن الشباب، على تأسيس شركات، مثل: أبل وأمازون ومايكروسوفت وتسـلا مقابل نسبة كبيرة من ملكية الشركة.

وحين تـتأمل قطاع التقنية بالذات، تكتشف أن رأس المال الجريء هو الذي أسس شركات تقنية ومعلوماتية حديثة تجاوزت قيمتها السوقية شركات صناعية عريقة، مثل: فــورد وبوينج وجنرال إلكتريك. بفضل جراءته وشجاعته انتقلت أمريكا بأكملها من اقتصاد التصنيع "الذي تركته للصين وكوريا وتايوان"، إلى اقتصاد المعرفة وتجارة المعلومات - التي تبيعها لنا جوجـل وأبل ومايكروسوفت دون أن نـدري.

المدهش أكثر، أن رأس المال الجريء لا يوظف في الشركات المعـرفـية "عـشـر" من توظفهم شركات صناعية، مثـل: فورد وبوينج وجنرال إلكتريك.

كل ما في الأمر أن "جوجل وأبل ومايكروسوفت" تضم أكبر عدد من الأذكياء في كل متر مربع.

 

نقلا عن الاقتصادية