الموظف هل يتحول إلى تاجر أم مستثمر؟

15/08/2023 5
فهد عامر الأحمدي

الإنسان الشريف، لا يملك غير ثلاث طرق لكسب المال: الأولى مقايضة جهده ووقـته مقابل راتب شهري أو أجر يومي "وهذا هو الموظف والعامل الأجير". الثانية تأسيس عمل تجاري يحقق من خلاله ربحا ماليا معقولا "وهذا هو التاجر ورجل الأعمال"، الثالثة توظيف أمواله لكسب مزيد من المال والأرباح "وهذا هو المستثمر الذي يمول، ويشارك، ويسهم"، الأول، والثاني، يعملان من أجل المال "ومن لا يـفعل ذلك؟"، أما الثالث فلا يعمل بنفسه مثلهما، بل يدع المال يعمل بالنيابة عنه من خلال استثمار أمواله في مشاريع الغـير دون الحاجة إلى تأسيس وإدارة وبـذل جهـد، الموظف والعامل دخلهما محدود لأن وقتهما وجهدهما محدود، أما التاجر فيحقق مداخيل أكبر، ولكن على حساب وقته وجهده وتحمله مسؤولية التأسيس والإدارة والمخاطرة برأس المال. المستثمر هو الأكثر راحة وتفرغا لكونه لا يؤسس ولا يدير ولا يتابع ولا يحتاج إلى خبرة مسبقة ـ ولا حتى المخاطرة برأس ماله لكونه يوظفها منذ البداية في مشاريع قائمة وناجحة ومكتملة.

الموظف والعامل لا يمكنهما أن يصبحا أثرياء "وتذكر هذه الجملة طوال حياتك"، في حين يمكن للـتاجر ورجل الأعمال أن يصبحا أثرياء "ولكن بطريقة مجهدة" بعكس المستثمر الذي يصبح ثريا مثلهما ولكن بطريقة أكثر راحة وتفرغا،معظمنا ينضم تحت الفئة الأولى "موظف" وقـليل منا تحت الفئة الثانية "رجل أعمال" ونادرا ما ترى حولك شخصا من الفئة الثالثة "مستثمر". إن كنت موظفا، فلا أنصحك بالتحول إلى تاجر أو رجل أعمال، وادخل مباشرة في مجال الاستثمار. فـالمعلم والطبيب والضابط وكل صاحب وظيفة، لا يملك وقتا ولا خبرة تؤهله إلى تأسيس مشروع تجاري ناجح ـ وفي حال نجح، لن يتمكن من الصمود طويلا أمام تجار ورجال أعمال متفرغين وعارفين بكواليس السوق. ما لم تكن ابن عائلة تجارية عريقة تملك خبرة، ورأسمال، وعلاقات قوية، أنصحك بتجاوز هـذه الفكرة والتحول مباشرة إلى مستثمر.

أكبر عقبة ستواجهك هي اعتقادك بأن الاستثمار يحتاج إلى رأس مال ضخم، ولكن الحقيقة هي أنه يمكنك الاستثمار بمبالغ صغيرة في أسواق الأسهم والشركات المالية والمساهمات الرسمية. لا تحتاج إلى امتلاك عقارات تساوي الملايين، لأنك تستطيع تحقيق عوائد أكبر بشراء وحدات زهيدة في الصناديق العقارية المتداولة REITs، في حال استثمرت بهذه الطريقة "لأعوام طويلة بمبالغ شهرية صغيرة" ستكتشف ذات يوم أنك أصبحت تملك ثـروة معقولة دون الحاجة إلى تأسيس مشروع تجاري يفـشل قبل أن يبدأ، وصدقني، لن تنتظر سن الشيخوخة لتكـتشف أنني كنت على حق.

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية