يوم وعقد وطني جديد

22/09/2020 0
فواز حمد الفواز

يوافق غدا اليوم الوطني، يوم ينصر فيه العطاء الوجداني مع المعنوي مع المادي، نقطة انعطاف لانطلاقة جديدة. في العرف العربي يتركز الحديث غالبا حول التاريخ في محاولة لاستخلاص العبر والدروس دون هضم للتاريخ، والتركيز على المستقبل باستخلاص المفيد والعملي. التاريخ مهم بقدر معرفتنا لما هو مفيد للحاضر والمستقبل وليس للتغني بجهود غيرنا. لذلك أرى اليوم الوطني فرصة للوقوف على نقطة مفصلية بين الماضي ومواجهة التحديات، التوقف وجدانيا كثيرا متعب ويأخذ كثيرا من طاقة نحن في أشد الحاجة إليها لمواجهة المستقبل. ما سبق اليوم الوطني مادة لاستخلاص العبر والمراجعة وما بعده صناعة تاريخ جديد. على كل فرد صناعة تاريخ مستقبلي لمن يأتي بعده. علينا جميعا تسليم الوطن بحالة أفضل كي يستمر العطاء المعنوي والأخلاقي. كما أن اليوم الوطني في سلم الزمن كذلك العقد الجديد لا يختلف في سلم الوقت المستمر، لكن هذا العقد الماضي خاصة النصف الأخير منه شهد تحولا مهما على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية. الدور الوطني له شق عام يروق لكثير الحديث عنه، لكن نادرا ما نتحدث عن الدور الشخصي الذي يبدأ بنظافة المكان العام والاهتمام بمن يحتاج إلى مساعدة معنوية أو مادية، والاهتمام بالتعليم والمعرفة التخصصية والمسؤولية في التوفير المالي والاستثمار. نجاح الأفراد قاعدة لنجاح الوطن، السياسات العامة تحتاج إلى دعم من الأفراد لرفع مستوى التعاون والثقة.

الرغبة في التطوير والكفاءة هي التعبير العملي عن التعامل مع المستقبل. حدثت خمسة تطورات مهمة في رحلة تحديث المملكة. الأول: تأطير متكامل للمستقبل والتمركز الاستراتيجي كما عبرت عنه الرؤية والبرامج الوطنية. الثاني، مركزية الإدارة العامة العليا دون خلل في دور المنظمات ذات العلاقة لكل منحى في تخصص الوزارات والجهات الرقابية، بما في ذلك مساءلة المقصر والتخلص منه بسرعة. الثالث، التركيز على الاقتصاد ونقل المعرفة العلمية. الرابع، محاربة الفساد ومتابعة التقصير في الجهاز البيروقراطي، خاصة من خلال الاستمرار في أتمتة الخدمات الإدارية والمالية. الخامس، تنامي الشعور الوطني والالتفاف حول الوطن وقيادته على أثر المخاطر في أغلب دول المنطقة. يقود الأمير محمد بن سلمان رحلة تحديثية عبر عنها من خلال هذه التطورات المعتبرة. هذه التطورات مهمة ولا بد أن تستمر. هناك تحديات تحت الرادار ولا بد أن تكون تحت المجهر الفاحص. الأول، إعادة التفكير في العلاقة المعقدة بين التعليم وسوق العمل والهجرة الاقتصادية وترتيب أداور الناس لتعظيم المصلحة الوطنية. الثاني: التركيز على دور الصناعة وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات. متابعة دور الهيئة من خلال فحص الروابط الأفقية الراسية كفيل بمتابعة سلاسل القيمة المضافة في المجتمع، والعلاقة بين القطاعين العام والخاص ومتابعة المقصر ومكافأة الناجح، وأخيرا التحديات التي تواجه الصناعة النفطية عالميا.

اليوم الوطني مناسبة نبدأ فيها بشكر المولى - عز وجل -، ومن ثم تقدير القيادة الحكيمة على كل ما تقوم به تجاه الوطن، وتقديم تحية للشعب السعودي النبيل، خاصة أبطالنا على الحد الجنوبي وكل ثغر على الحدود. يحتفل ويفتخر الجميع ويتعاهد على مستقبل أفضل في الأعوام والعقود المقبلة، لنسلم الأمانة إلى الجيل الصاعد كما استلمناها من الآباء والأجداد. حين بدأ الملك المؤسس هذه التجربة الوطنية الفريدة المباركة كانت المقومات أقل والظروف أصعب، لذلك مسؤوليتنا أسهل ومعرفتنا بالتاريخ أطول وإنجازاتنا أكثر، وعلينا مواصلة الإنجاز والانسجام والاحتفال.

 

نقلا عن الاقتصادية