التمويل الجماعي كأداة تمويل غير تقليدية

05/11/2018 0
د. مشعل فرج
قد يواجه رائد أعمال طموح صعوبة في الحصول على تمويل فكرته أو إقناع مستثمر بجدوى الفكرة لتمويلها، وقد تواجه منشأة ناشئة صغيرة مشكلة التمويل اللازم للتوسع في نشاطها، والذي يصعب من هذه التحديات هو اقتصار التمويل على البنوك أو بعض المستثمرين، مما يجعل رائد الأعمال والمنشأة الصغيرة يخضعان لشروط ومتطلبات ليست سهلة. هذا كله سهل ظهور التمويل الجماعي كخيار جديد للتمويل، ضمن خيارات أخرى، يتميز بالسهولة وانخفاض التكلفة.

تقليديا البنوك والمصارف وحدها كانت لديها القدرة المالية على الإقراض، وهذا ساعدها على احتكار التمويل، وبالتالي تقرير من يستطيع الحصول على التمويل ومن لا يستطيع. ولكن ظهور التقنية المالية Fintech أدى إلى تغيير طريقة الإقراض والوصول للمال. إحدى أهم أدوات التمويل التي أبدعتها التقنية المالية هو التمويل جماعي Crowdfunding. وفكرة التمويل الجماعي قائمة على جمع المال من مجموعة كبيرة من الأفراد من خلال الانترنت ولمدة محددة بغرض تحقيق هدف محدد ومعلن.

استطاعت شركات التمويل الجماعي وفقا لمجلة الإيكونيميست جمع 16.2 مليار دولار عام 2014، ويتوقع البنك الدولي أن ينمو هذا القطاع عام 2025 لتستطيع شركات التمويل الجماعي جمع 96 مليار دولار. وما يميز جمع الأموال عن طريق هذه الشركات هو سهولة الوصول لأكبر عدد ممكن من المستثمرين بتكلفة أقل مقارنة مع التمويل التقليدي. وقد يستخدم هذا النوع من التمويل لخدمة أهداف مختلفة، منها على سبيل المثال جمع الأموال لتمويل مشروع جديد أو قائم أو التبرع لعمل الخيري.

في سبيل تنويع قنوات الاستثمار، وبما يساهم في تحقيق رؤية 2030، تبنت هيئة السوق المالية عام 2017 مبادرة (مختبر التقنية المالية) التي تستهدف تنمية القطاع المالي واستغلال التقنية المالية في السوق المالية. وقد قامت الهيئة بمنح تصريح تجربة تقنية مالية لشركتين يمكنهما من اختبار التمويل الجماعي، وتقوم الهيئة بدراسة طلبات تصاريح أخرى.

وإن كان التمويل الجماعي يتميز بالسهولة وقلة التكلفة، لكن هذا لا يعني خلوه من التحديات والمخاطر، خاصة أن التجربة تعد حديثة في المملكة، إذ إن شركات التمويل الجماعي تعد بديلا لقنوات الاستثمار الموجودة، مما يعزز وجود كيانات اقتصادية، وهذا يتطلب وجود تشريعات تساعدها على القيام بدورها المأمول في القطاع المالي. فمثلا اقتصار التمويل على البنوك أدى إلى نوع من المركزية، وهذا بدوره سهل عملية الرقابة على البنوك وتطوير أنظمتها مما جعلها مستقرة، ولكن شركات التمويل الجماعي بطبيعة اعتمادها على التقنية فهي صغيرة الحجم ولا تحتاج رأسمال كبيرا ولا عددا كبيرا من الموظفين، وهذا يسهل انتشارها، مما يصعب عملية مراقبتها.

من جانب آخر، قد يبدو لرائد الأعمال أو المنشأة الصغيرة أن وجود شركات التمويل الجماعي سهل من الوصول لرؤوس الأموال، للوهلة الأولى هذا انطباع صحيح، ولكن يحمل بين طياته تحديات قد لا تظهر إلا عند خوض التجربة، إذ إن عملية جمع الأموال عن طريق منصات التمويل الجماعية مثله مثل باقي العمليات التجارية يحتوي على مخاطر. فعلى سبيل المثال التمويل الجماعي يتضمن نشر فكرة مشروع استثماري، وهذا يمكن بعض الأفراد من الاطلاع على الفكرة، مما يجعلها أكثر عرضة للسرقة أو التقليد، لذلك فكرة رائد الأعمال الموهوب في حقيقة الأمر هي فرصة استثمارية، وبالتالي تستحق هذه الفكرة الحماية القانونية، فعدم إدراك رائد الأعمال لهذا الخطر قد يؤدي إلى ضياع حقوقه.

نقلا عن مكة