نظام معالجة المنشآت المالية المهمة

10/01/2021 0
د. مشعل فرج

شهد النظام المالي تطور سريع على مستوى الحجم والتعقيد على مدار السنين، ولكن ظل هدفه واحد بسيط يتمثل في التوسط بين موردي المال ومستخدميه. التخصيص الفعال لرأس المال يعتبر عنصر مركزي لوظيفة الاقتصاديات الحديثة، لذلك ترتبط كفاءة النظام المالي ارتباطاً وثيقاً بالنمو الاقتصادي. ولضمان قيام النظام المالي بهذه الوظيفة وتحسين أدائه، اعتمدت القوانين المالية على عدة مفاهيم منها الحد من العوامل الخارجية المؤثرة في النظام المالي.

كشفت الأزمة المالية العالمية في عام ٢٠٠٨ عن الحاجة لتطوير القوانين المالية. فالمخاطر التي أوجدتها ممارسات المؤسسات المالية على النظام المالي والاقتصاد العالمي ككل، كانت بمثابة جرس إنذار للجهات الرقابية حول العالم. وفي سبيل توحيد الجهود واحتواء آثار الأزمة، قام مجلس الاستقرار المالي بإصدار "الخصائص الأساسية الفعالة لنظم معالجة المنشآت المالية"، والتي صنفتها مجموعة العشرين كخصائص دولية جديدة لأطر معالجة المنشآت المالية المُهمة.

وفي سبيل مواكبة الممارسات العالمية وتعزيز الدور الرقابي للجهات المشرفة على المنشآت المالية في المملكة، صدر مؤخراً نظام معالجة المنشآت المالية المهمة والذي يستهدف الحفاظ على سلامة واستقرار النظام المالي. النظام يلزم المنشأة المالية المهمة، بناء على طلب من الجهة المختصة، بإعداد خطة لاستعادة وضعها المالي عندما تتعرض لتغيرات جوهرية تؤثر فيها بشكل سلبي. الجهات المختصة وفقاً للنظام هي البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية. أما تصنيف المنشأة المالية بأنها مهمة فهو يتم بقرار من الجهة المختصة وذلك بناءً علي معايير تضعها تلك الجهة للجهات الخاضعة لاشرافها، وتراعي تلك المعايير حجم المنشأة المالية، وتعقيدها الناتج عن تداخلها وترابطها مع منشآت مالية أخرى، والمخاطر المرتبطة بها.

نظراً للدور المحوري للنظام المالي، فمن غير المستغرب أن يركز النظام على المخاطر التي قد يتعرض لها النظام المالي. والمخاطر التي يمكن يتعرض لها النظام المالي يقصد بها احتمالية انتقال الصدمة الاقتصادية التي قد يتعرض لها جزء من النظام المالي إلى أجزائه الأخرى. لذلك، كلما زادت احتمالية انتقال الصدمة التي قدتتعرض لها منشأة مالية إلى منشآت مالية اخرى، زادت معها خطورتها على النظام المالي. ولهذا كان من الأهمية بمكان المحافظة على سلامة تلك المنشأة ومحاولة معالجة أوضاعها.

تخضع لأحكام النظام المنشآت المالية، الشركات القابضة، الفروع الأجنبية، والمجموعات المالية. وفق المفهوم التقليدي، لا نحتاج إلى بذل الكثير من الجهد لتوقع المنشآت المالية المهمة والتي سوف تنطبق عليها معايير الجهات المختصة، ولكن هناك منشآت جديدة غير تقليدية تمارس نشاط مالي وهي الشركات المقدمة لخدمة التقنية المالية أو ما يعرف بـــ(فنتك). تحديد مدى اهمية هذه الشركات للنظام المالي يتوقف على قرار تصنيفها والذي سوف يصدر بناءً على معايير الجهة التي تخضع تلك الشركات لاشرافها.

 

خاص_الفابيتا