على مدى أربعة أسابيع، تم عرض هذا الكتاب النوعي، والآن حان وقت الخلاصة والتروي في المفيد لنا. في البحث المستميت "المفروض" عن نمو يقوده الإبداع، لا بد من التشديد على دور القطاعين. وهذا يتطلب فهم منظومة الإبداع Eco-system، ولكن أيضاً تحديد دور كل قطاع بأقصى دقة ممكنة. فرضية أن القطاع الخاص يقود الإبداع، وما على القطاع العام إلا أن يسهم في إيجاد حوافز من خلال الضرائب والإعانات والمعايير - لم تعد مقبولة؛ إذ - كما وضح الكتاب - إن القطاع العام يقوم بدور ريادي أكثر من القطاع الخاص. عدم أخذ هذه في الحسبان نتجت عنه علاقة مشوهة بين القطاعين، تنتهي غالبا بقطاع خاص طفيلي وليس تكامليا، وبضياع الموارد والوقت. لا بد من قبول جهود جماعية لتأسيس بيئة إبداع تقود إلى النمو. التضافر والتكامل يتطلبان مؤسسات قادرة على المرونة، مقدرات مالية للتمويل، وفضاء للشركات الكبيرة والصغيرة، وإدارة حكومية فاعلة، يصعب توقع صيغ التفاعل والنتائج، ولكن إذا كانت البوصلة رياديا واضحة يتعلم الجميع من الأخطاء وتدور العجلة.
البيئة الفاعلة للإبداع ليست أفقية في جزر معزولة، حتى لو صرف كثير على مراكز الأبحاث، ولكنها تبحث عن شيوع وتعمق المعرفة والترابط والتكامل، وهذه الأمور تتطلب دقة من صناع القرار العام. لا بد للإبداع أن يكون "عملية" مستمرة، كما ذكر كينز أن بين القطاعات والمؤسسات أشياء لن تحدث دون دور قيادي للحكومة، لا بد للحكومة من أخذ بعض المخاطر، ولكن ليس مخاطر القطاع الخاص أو التخفيف منها؛ إذ إن من خصائص المنظومة الصحية أن تكون هناك علاقة بين المكاسب والمخاطر. هناك اختلاف في الخاصية بين القطاعين، ما يجعل تحديد دور القطاع العام غير صعب؛ إذ غالبا يجب أن نعرف الميزة التنافسية مقدما، فهي عملية اكتشاف، ويتطلب تأليف سياسات اختيارية في الاستثمار أولا، ثم إكمال المنظومة تباعا. المراهنة على أن الأسواق ستشكل الاقتصاد أقرب إلى الخيال؛ حيث إنه منذ بدء النظام الرأسمالي والاقتصاد يتبع دور الحكومة في تشكيل السوق. أحيانا هناك فشل مثل تجربة طائرة "الكونكورد"، ولكن الجدية والتضافر يتركان بصمات خبرة ومعرفة ودروسا.
تحدث الكتاب عن الواقع وليس تنظيرا، استخلص الكتاب ثلاثة أمور: الأول: لا يكفي أن نتحدث عن بناء القطاع العام، ولكن أن نبنيه، فمثلا كثير من الحكومات مصروفاتها عالية، ولكنها ليست استثمارية التوجه، أو عميقة البحث والتطوير، وبالتالي ناقصة. الثاني: أنه مطلوب من الحكومة قبول الغموض وعدم اليقين، وهي هنا لا تختلف عن المال الجريء. تدعو إلى درجة من التماثل بين المخاطر والمكاسب للقطاع العام، "هذا قد لا يكون مناسبا للاقتصاديات النفطية على الأقل في السنوات الأولى من تحديث عميق". الثالث: التركيز على دور الحكومة في طريق المخاطر المتقلب بشجاعة، وليس الانشغال بتقليل المخاطر على القطاع الخاص فقط وتصحيح عيوب السوق. نعيش حقبة تدعو إلى تقليل دور الحكومة، ولكن ما يدعو إليه الكتاب هو إعادة النظر في الترتيب المناسب لإيجاد بيئة إبداع قادرة على تحفيز النمو الاقتصادي. كان في بالي أن أستخلص بعض الملاحظات الأكثر علاقة بحالتنا، ولكن لما قرأت خلاصة الكتاب وجدتها أوضح من أن أضيف إليها، ولذلك حاولت اختصارها قدر الإمكان فقط. أعتقد أن الكتاب مفيد جدا لصناع القرار، شرط التوجه الاستثماري المركز، والوعي بالمراحل، والتكامل المؤسساتي، خاصة في ميدان هيكل الحوافز المجتمعي.
نقلا عن الاقتصادية
البيئة الفاعلة للإبداع ليست أفقية في جزر معزولة، حتى لو صرف كثير على مراكز الأبحاث، ولكنها تبحث عن شيوع وتعمق المعرفة والترابط والتكامل، وهذه الأمور تتطلب دقة من صناع القرار العام. لا بد للإبداع أن يكون "عملية" مستمرة، كما ذكر كينز أن بين القطاعات والمؤسسات أشياء لن تحدث دون دور قيادي للحكومة، لا بد للحكومة من أخذ بعض المخاطر، ولكن ليس مخاطر القطاع الخاص أو التخفيف منها؛ إذ إن من خصائص المنظومة الصحية أن تكون هناك علاقة بين المكاسب والمخاطر. هناك اختلاف في الخاصية بين القطاعين، ما يجعل تحديد دور القطاع العام غير صعب؛ إذ غالبا يجب أن نعرف الميزة التنافسية مقدما، فهي عملية اكتشاف، ويتطلب تأليف سياسات اختيارية في الاستثمار أولا، ثم إكمال المنظومة تباعا. المراهنة على أن الأسواق ستشكل الاقتصاد أقرب إلى الخيال؛ حيث إنه منذ بدء النظام الرأسمالي والاقتصاد يتبع دور الحكومة في تشكيل السوق. أحيانا هناك فشل مثل تجربة طائرة "الكونكورد"، ولكن الجدية والتضافر يتركان بصمات خبرة ومعرفة ودروسا.
تحدث الكتاب عن الواقع وليس تنظيرا، استخلص الكتاب ثلاثة أمور: الأول: لا يكفي أن نتحدث عن بناء القطاع العام، ولكن أن نبنيه، فمثلا كثير من الحكومات مصروفاتها عالية، ولكنها ليست استثمارية التوجه، أو عميقة البحث والتطوير، وبالتالي ناقصة. الثاني: أنه مطلوب من الحكومة قبول الغموض وعدم اليقين، وهي هنا لا تختلف عن المال الجريء. تدعو إلى درجة من التماثل بين المخاطر والمكاسب للقطاع العام، "هذا قد لا يكون مناسبا للاقتصاديات النفطية على الأقل في السنوات الأولى من تحديث عميق". الثالث: التركيز على دور الحكومة في طريق المخاطر المتقلب بشجاعة، وليس الانشغال بتقليل المخاطر على القطاع الخاص فقط وتصحيح عيوب السوق. نعيش حقبة تدعو إلى تقليل دور الحكومة، ولكن ما يدعو إليه الكتاب هو إعادة النظر في الترتيب المناسب لإيجاد بيئة إبداع قادرة على تحفيز النمو الاقتصادي. كان في بالي أن أستخلص بعض الملاحظات الأكثر علاقة بحالتنا، ولكن لما قرأت خلاصة الكتاب وجدتها أوضح من أن أضيف إليها، ولذلك حاولت اختصارها قدر الإمكان فقط. أعتقد أن الكتاب مفيد جدا لصناع القرار، شرط التوجه الاستثماري المركز، والوعي بالمراحل، والتكامل المؤسساتي، خاصة في ميدان هيكل الحوافز المجتمعي.
نقلا عن الاقتصادية