في مقال تألق به الأستاذ عمر المنيع بعنوان "إعادة شراء أرامكو لأسهمها بدلا من الاكتتاب"، وقد افترض فيه أن توفير السيولة هو السبب الجوهري في طرح أرامكو للاكتتاب، والذي من خلاله رجّح خيارا قائما على طرح صكوك بقيمتها يتم إعادة شراء جزء أو كل ما قد يعرض للاكتتاب من الشركة. ولعلني أرى العلة خلف رأي أخي المنيع كامنة في انخفاض ما يتوقعه المستثمر من العائد في الصك مقارنة بالسهم. وبذلك، تكون تكلفة الـ ١٠٠ مليار دولار في حالة الاستدانة أو الدمج بين الاستدانة والاكتتاب العام أقل من تكلفتها في حالة الاكتتاب العام كليا.
دون مناقضة الرأي في السبب الجوهري للطرح، ودون التطرق لحجم الدين؛ والذي يزيد من عبء الضمانات السيادية والالتزامات الطارئة على عاتق الحكومة، فالافتراض بأن ٥٪ من قيمة الشركة تعادل ١٠٠ مليار دولار غير قابلة للتذبذب كفيل بوجوب إعادة النظر في الاستدانة. ولا شك في أن استراتيجية الاستدانة كبديل لزيادة رأس المال أو تسييل جزء منه أمر حاضر في قرارات الشركات المدرجة، إذا وإذا فقط كانت قيمها السوقية شبه ثابتة.
كان التصريح الرسمي من قبل صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير - محمد بن سلمان - في مقابلة له مع الإعلامي داوود الشريان كالتالي: "حجم الحصة التي ستباع مرتبط بـ: أولا: الطلب، ثانيا: الفرص الاستثمارية داخل السعودية أو خارجها ….. فالحصة لن تكون بعيدة عن ٥٪ كثيرا." التصريح المصاحب للتيقن التام بأن لصندوق الاستثمارات العامة رؤية واضحة تخص الفرص الاستثمارية في الـ ١٠ سنوات القادمة ما هو إلا دليل واضح بأن الغاية الحالية هي ١٠٠ مليار دولار فقط، وتلك الغاية تكلف الاستغناء عن ما هو نسبته أقل من ٥٪ أو أكثر من ٥٪ أو ٥٪ من أرامكو، وهي ما يحدده الطلب والذي له ارتباط مصيري مع شبه ثبات القيمة السوقية، بالإضافة إلى تحسين أداء الشركة.
لشبه ثبات القيمة السوقية عوامل عدة، على رأسها عامل الجاذبية! إن جاذبية الاستثمار في الصكوك أقل مما هو عليه في الاكتتاب؛ والسبب في ذلك يعود إلى تفاوت العوائد السنوية. فإن كانت الغاية - ١٠٠ مليار دولار - قد تكلف أرامكو ما هو قريب من ٥٪ في حال الاكتتاب العام، فما الاحتمالية في أنها ستكلف ذات النسبة أما البديل الآخر "الصكوك"؟ لا شك في أن انخفاض الجاذبية للاستثمار سينخفض في الحالة الثانية، انخفاضا يتزامن مع ارتفاع التكلفة في نسبة الاستغناء لتحقيق غاية الـ ١٠٠ مليار.
ولا شك في أن جدوى الاستدانة أمثل في حال كانت الاستفادة من انخفاض العوائد التي تتكفل بها أرامكو أعلى من قيمة الفرق في نسبة ما يتم الاستغناء عنه في الحالتين. ولكنها بالطبع وبكل تأكيد ليست كذلك!