لوحظ الدعم التمويلي من قبل الدولة لرواد الأعمال من خلال حث الوزارات والهيئات والصناديق ذات الصلة على تمويل المشاريع الناشئة وتقديم المحفزات ورفع الجانب التوعوي في هذا المجال عن طريق إقامة ورش عمل ودورات تدريبية. توجه ناضج يسعى لتحقيق فائدة مشتركة تصب في صالح المواطن، مبادرا كان أم مستهلك، وفي صالح الاقتصاد الكلي للدولة، والذي تتحقق جدواه إن ساهم بشكل ملموس في نقل هذا الاقتصاد من ريعي إلى مستدام. فهل نحن فعلا في هذا الاتجاه؟
إن الشغل الشاغل لكل مبادر هو كسب حصة سوقية يستهدف بها بشكل أو بآخر تدفقا نقديا يصنع جدوى نجاح مشروعه التجاري. وتلك الجدوى هي ما يصنع حماس مؤسسات الدولة في دعم هذا النوع من المشاريع، أو وضع جدواها كنموذج يحتذى به، تقام على أسس نجاحه ورش عمل ودورات تدريبية لفئة جديدة مبادرة، صانعة ثقافة تتوارث من فئة لأخرى.
إن الارتفاع الشديد في القدرة الشرائية محليا صنع أفق لأهداف هؤلاء المبادرين، ليستهدفوا تلك القدرة من خلال جدوى سهلة المنال تجذب التدفق النقدي المحلي والناتج عن ريعية صادرات نفطية. فإن انخفض سعر برميل النفط، ودخلت الدولة في سياسة تقشف، فهذا سيؤثر حتما على جدوى المشاريع الاستهلاكية التي قامت الدولة مسبقا بدعمها من أجل المساهمة في نقل هذا الاقتصاد إلى مستدام. أين الاستدامة إن حصل ذلك؟
إن كانت رؤية الدولة في هذا الدعم هو صنع سوق يساهم في خلق الوظائف ويساهم بشكل جذري في نقل الاقتصاد من ريعي إلى مستدام، فعلى أهداف تلك الرؤية أن تعتبر السوق المستهدف فيما إذا كان محليا أم خارجيا. على تلك الأهداف أن تعي أهمية تأثير تلك المشاريع فيما يتعلق في رفع الصادرات وخفض الواردات.
وبناء عليه، توضع معايير الأحقية في تمويل وحوافز مؤسسات الدولة التي أعطيت هذا الدور في دعم مشاريع المبادرين. هل من العقل والمنطق أن يكون هناك دعم متساو لثلاثة مشاريع قائمة على نفس الجدوى الربحية؟ فالأول يستهدف التدفق النقدي المحلي، والثاني يستهدف الخليجي، والثالث يستهدف العالمي. أم على التحفيز أن يميز الثالث بشكل أكبر كونه الأقل تأثرا بأي توجه سلبي في الاقتصاد الريعي في المنطقة؟ فهو من لم يتأثر نشاطه بشكل مباشر مع انخفاض سعر برميل النفط، وهو من استمر القائمين عليه في تلقي رواتبهم وتوظيف غيرهم، وهو من نافس كفاءات عالمية بشكل رفع من كفاءة القوى البشرية في المنطقة، وهو من ساهم في رفع إجمالي الناتج المحلي من خلال رفع الصادرات أو خفض الواردات أو كلاهما.
نتفق بالرؤية السامية، ولكن القصور واضح في وضع الأهداف التي صنعت استراتيجية تتحقق بها الرؤية. وكونها دولة مؤسسات بيروقراطية تتوارث بها ثقافات في الجانب الريادي، فإن الاستمرار في تلك الاستراتيجية له تبعات أكثر شدة من نظيرها في مؤسسات تخضع لقرار مركزي، وبه يكون دعم ريادة الأعمال.. ما زال ريعيا.
خاص_الفابيتا
اقتراح رائع ،،