هناك مقولة في الاقتصاد: عليك بالنمو و البقية تتبع لان التبعات تتكون في علاقة رتيبة تحركها ماكنة الانتاجية. الاسقاطات العامة قد لاتفيد كثيرا دون ربط مع الواقع. في المنطقة سياسة الدفاع دائما أولوية كما تعبر عنها نسبة الانفاق و المخاطر في المنطقة. العلاقة قديمة فقد تحدث عنها آدم سمث حين قال في كتابة الشهير (ثروة الامم) ان 'الدفاع اهم من الثراء'، لكن ايضا الدفاع يعتمد على القوة الاقتصادية خاصة في عصر التقنية و العلاقة الأفقية بين التقنيات المدنية و العسكرية. لذلك العلاقة بين الدفاع و الازدهار الاقتصادي عملة واحده من جانبين. هناك معايير كثيرة لقياس النمو الاقتصادي و لكن ربما من أفضلها و ليس الوحيد النمو في حصة دخل الفرد الفعلية من الدخل القومي الاجمالي، و الذي مادتة الفعلية النمو في الانتاجية. فلا يمكن تحقيق رفاه في المدى البعيد دون الاستمرار في رفع الانتاجية.
منحت جائزة نوبل للاقتصاد هذا العام لثلاثة اقتصاديين( Joel Mokyr و Philppe Aghion و Peter Howitt) نظير ابحاثهم الطويلة في أساسيات النمو بعد قرون من الركود الاقتصادي. ابحاث ساعدت في كشف الكثير من العوامل المؤثرة في النمو مثل الابداع و نشر المعرفة مجتمعيا و القوى التي تساهم في استدامة الازدهار. لكل بلد منطلقات خاصة في محاولة تفهم المرحلة و العوائق و سبل التقدم. في السعودية مثلا من السهل لوم 'الاقتصاد الريعي' و تبعاته في تصرفات الافراد و المنظمات الخاصة و العامة. و لكن هذا تساؤول افتراضي لان وجود الدخل السهل نسبيا واقعيا لان بد أن يستغل خاصة على خلفية متواضعة الأسس المادية، بغض النظر عن العيوب. الاهم مرحليا الوعي بالسياق، فالتشبع المادي حدث بعد جيلين اذا اخذنا القياس من بداية السبعينات، لذلك السعودية كانت جاهزة لسياق جديد. جاءت الرؤية لتبدا سياق جديد، فبمأن عنوان الرؤية لاقتصاد لا يعتمد على النفط، فلابد ان يعتمد على الانتاجية، و ما التنويع الا تشكيل هيكلي لماكنة اقتصادية مختلفه قوامها النمو و قلبها الانتاجية. تقييم الانتاجية و مقارنتها مع الدول الاخرى تقوم به ' Penn World Table' - قاعدة معلومات تهتم بالانتاجية لحوالي 180 دولة بالتركيز على ما 'يسمى مجمل عوامل الانتاجية- total factor productivity'. لن ادخل في مقارنات بين السعودية و دول اخرى جزافا لمقارنة التي قد لا تكون موضوعية.
أكتفي بثلاث ملاحظات على الاقتصاد الوطني تصب في تفعيل عوامل الانتاج لرفع ترتيب المملكة. الاول، في نظري اجدنا ادارة قطاع الطاقة المفصلي بكفاءة عالية من عدة زوايا، منها تعديل الدعم ليصبح اكثر عقلانية و يصب في البناء و الاستدامة، و منها التكيف مع الاستحقاقات الدولية في انبعاثات الكربون، و التهئ للطاقة المتجددة، و التوسع في انتاج الغاز ، و دور السعودية المركزي في ادارة أوبك+. الاهم ان سياسة الطاقة اقتصاديا عامل انتاجي اقتصادي مساعد ( في اختلاف عن الدور المالي). هذا مهم جدا لان ضعف تسعير الطاقة يشوه كل الاسعار تقريبا و يضر بالمالمية العامة كما حدث مع عدة دول نفطية مثل فينزويلا و ايران و غيرهم.
الناحية الثانية، بالغنا كثيرا في قطاع الانشاءات و الذي لا يعرف عنه دور رئيس في الانتاجية خاصة ان الكثير منها ممول بالاقتراض. قطاع ضروري في بعض نواحيه مثل بعض مشاريع البنية التحتية و الاسكان، و لكن يخضع غالبا في الكثير من الدول النامية للمبالغة و المجاراة التي يصعب قياسها، من عيوبه ايضا انه دوري و كذلك يعتمد كثيرا على معرفة الوافد الفنية و لذلك التكلفة المجتمعية عالية دون مردود موازي. الاهم ان الاقتصاد في الاخير يدور حول المفاضلات، لذلك المبالغة في قطاع تأتي على حساب قطاعات اخرى لان المال في الاخير محدود و المركز المريح للمالية العامة صمام امان لمحاولة التحول الاقتصادي و الدفاع، فالطاقة و الذكاء الاصطناعي و الصناعات العسكرية و التعدين تكفي مرحليا. الناحية الثالثة، ادارة الموارد البشرية بالمفهوم الشامل من اعداد نخبة تكنوقراطية متجانسة و على قدر من الكفاءة التعليمية الموثقة الى التعليم الفني على اختلاف مراحلة و بتوثيق مهني يتماشى مع تحديات بناء المهارات و نشر المعرفة في تدرج يسمح بالناء و التراكم المعرفي و الاجر المناسب للصناعات المذكوره. جزء من ادارة المرفق في التعامل مع الاستقدام و الهجرة الاقتصادية لان بث المنافسة بين السعودين و مساحات اعلى للتخصص يرفع الانتاجية و الاجر.
التحدي على مستويين الاول، ان نبدأ الخطاب الاقتصادي بالحديث عن الانتاجية و التنويع الاقتصادي و ليس المالي، و الثاني تفعيل عوامل الانتاجية كنقاط ارتكاز في السياسة العامة الاقتصادية و المجتمعية. المنافسة دائما مع الدول الاخرى بوصلة لأننا لا نعيش وحدنا، و لكن المنافسة و المساءلة الأقرب مع أنفسنا من خلال ارتقاء سلم الانتاجية كخيار و برامج مجدولة بانظباط.
خاص_الفابيتا


