تعمل مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) على زيادة فاعلية بطاقات الصرف الآلي (مدى) من خلال إضافة المزيد من الخدمات وجعلها بطاقات آمنة وبديلاً فعالاً عن حمل النقد حيث أطلقت قبل عدة أشهر خدمة أثير التي تسمح لحامل البطاقة الشراء من المتاجر من دون استخدام الرقم السري في حدود 100 ريال في اليوم الواحد وهذه الخدمة أثبتت فاعليتها وقد تكون أسرع من استخدام النقد، مؤخراً أعلنت ساما عن قرب تفعيل خدمة الشراء عبر الإنترنت بواسطة بطاقات مدى المصدرة من البنوك السعودية وهذه خطوة رائعة سوف تسمح لحاملي بطاقات مدى من مواكبة التغييرات العالمية في مجال المدفوعات والتجارة الإلكترونية، وسيكون بإمكان مستخدمي بطاقات مدى التسوّق من الإنترنت بواسطة هذه البطاقات بسهولة، بالإضافة إلى الدفع في مختلف نقاط البيع في المتاجر الداعمة عبر الهواتف الذكية دون الحاجة لوجود نظام سداد وبحسب التقارير الصادرة من مؤسسة النقد، ارتفعت المشتريات بواسطة نقاط المبيعات في المملكة حتى نهاية العام 2017 حوالي 200 مليار ريال بنسبة ارتفاع تقدر بأكثر من 500 % خلال 10 سنوات بينما ارتفعت عدد البطاقات المصدرة من البنوك إلى حوالي 28 مليون بطاقة مرتفعة بنسبة 250 % خلال 10 سنوات وهذه مؤشرات قوية لارتفاع الوعي لدى الناس واعتمادهم على البطاقات بدلاً من حمل النقود وهذا يساهم فعلياً في تقليل نسبة النقد خارج من المصارف والتي عادة تكون عبئاً على الاقتصاد لعدم الاستفادة منه.
نعود للتسوق عبر الانترنت أو ما يسمى بالتسوق الإلكتروني وهو من المفاهيم الحديثة التي انتشرت بين الناس في الفترة الحالية وذلك بسبب عدة مميزات تقدمها هذه الخدمة لعل أهمها السعر المنافس الذي قد يصل إلى 30 % أقل من الأسعار في المتاجر التقليدية كذلك الثقة في أن المنتجات التي تعرض في المتاجر الإلكترونية قد تتأكد من أنها أصلية وليست مقلدة بالإضافة إلى وجود تفاصيل كاملة عن المنتج ومميزاته كما أن التسوق الإلكتروني يوفر الوقت والجهد وهو مفتوح على مدار الساعة ولذلك ارتفع الإقبال على الشراء عبر الإنترنت بشكل كبير واستقطبت هذه الخدمة خلال السنوات الماضية أعداداً كبيرة من المشترين حتى أصبحت شركة مثل أمازون ثالث أكبر شركة أميركية من حيث القيمة السوقية وما زال الإقبال مستمراً ومتنامياً على خدمات البيع عبر الانترنت ولذا كان من الضروري للشراء عبر الانترنت الحصول على بطاقة ائتمانية ولكن واجه عملاء البنوك إشكالية في إصدار هذه البطاقات لأن الكثير منهم غير مؤهل لاستخراج هذه البطاقة وعملت البنوك لتلافي هذه الإشكالية إلى إصدار بطاقات مسبقة الدفع تتم تغذيتها وقت الاستخدام وقد ساهمت فعلاً في رفع معدل حاملي هذه البطاقات وأعطت اطمئناناً للمستخدم بعدم تعرضه للاحتيال حيث إن البطاقة تغذي وقت الاستخدام ومع ذلك عزف البعض عن استخراجها بسبب وجود رسوم سنوية عند الإصدار أو التجديد لذا لم تكن فعالة ولم تتجاوز عدد البطاقات الائتمانية المصدرة حسب آخر الاحصائيات عن 1.7 مليون بطاقة مقارنة مع 28 مليون بطاقة مدى مصدرة حتى نهاية العام 2017 ولذا سوف تساهم بطاقات مدى عند تفعيل خاصية الشراء عبر الانترنت في زيادة المشتريات خصوصاً أن الشراء عبر الانترنت بدأ يغزو الأسواق وظهرت هنالك متاجر عالمية وموثوق بها وحتى بعض المتاجر التقليدية واكبت التسويق الحديث وانشأت خدمة البيع عبر الانترنت من خلال الحواسيب أو من خلال التطبيقات في الهواتف الذكية وايصال المشتريات بالبريد مجاناً.
بالتأكيد هناك بعض الإشكاليات التي تواجه المشتري عبر الانترنت خصوصاً مع المتاجر العالمية وهي خدمة إيصال المشتريات بالبريد والتكلفة العالية لقيمة الشحنات ولذلك يلجأ البعض إلى إنشاء صندوق بريد في أميركا واستئجار مساحة تخزين تسمح له بتجميع مشترياته ومن ثم شحنها دفعة واحدة من أجل خفض تكلفة الشحن ولكن أعتقد أن هذه الإشكالية سوف تتلاشى مستقبلاً مع السماح للشركات العالمية للدخول إلى السوق السعودي كما أن صندوق الاستثمارات العامة استثمر في إنشاء منصة نون للتسويق الإلكتروني والتي ستتخذ من الرياض مركز لعملياتها وهذا سوف يساهم بشكل كبير في جذب مزيد من العملاء نظراً لوجودها داخل المملكة وسرعة توصيل المشتريات والأهم هو استخدامها للغة العربية التي حيث اللغة الإنجليزية قد تكون عائقاً لبعض العملاء الذين لا يجيدون اللغة.
ولأجل ذلك لا بد أن يعي أصحاب المتاجر التقليدية مخاطر ضعف الطلب على مبيعاتهم المستقبلية والتخطيط من الآن إلى تغيير المفاهيم السابقة التي كانت تنتظر حضور العميل إلى المتجر والتي سوف تتلاشي تدريجياً خصوصاً مع تركيبة سكانية معظمها من الشباب الذين لديهم اتقان وتمكن في استخدام التقنية، وأي صاحب عمل لا يستطيع مواكبة المتغيرات الحديثة سوف يخرج من السوق.
نقلا عن الرياض