قد لا يعلم كثير من القراء أن باستطاعة الجمهور الغربي بعامة، الاطلاع على تفاصيل أي شركة غربية تعمل داخل اقتصاده وأي بلد غربي آخر. لأن نظام الشركات يُمكِّن الجمهور الغربي من أي معلومات يحتاجها، بما فيها تفاصيل عن مجالس إدارات الشركات والمساهمين والقوائم المالية والأرباح. كما يُلزم القانون الشركات المتوسطة والصغيرة حتى لو لم تُقيَّد كمنشآت مساهمة، بتوفير درجة من الشفافية في التعامل، وخاصة بنشر القوائم المالية المبسطة. والسبب واضح، وهو كبح ومنع التعتيم السلبي أو التدليس، لأنه يقود للفساد، أو حتى التهرب الضريبي من السلطات المحلية.
أطرح هذه المعلومات والممارسات لتوظيفها في تطوير وسائل محلية، لعلها تحد من ظاهرة التستر والفساد. وتعميم ثقافة الشفافية في ممارسات منشآتنا، وكل تلك الجوانب لفوائدها التي لا تحصى. لأن السماح بتداول معلومات صحيحة عن منشآتنا عبر تمكين المهتمين والإعلاميين والأكاديميين من المعلومات، يفيد النشر الإيجابي، مثلما يسمح لمجالس التخطيط الاقتصادي بقيادة تصوُّر واستنتاج صحيح عن القطاع الخاص. كما أنه يُمكِّن أي مهتم بالتقصي العلمي البحثي عن أي شركة ومعرفة تفاصيلها، كما يُمكِّن لأي صحافي معرفة كيف حصلت منشأة بعينها على عقودها ومشترواتها، وما إذا كان عضو مجلس إدارة قد استخدم نفوذه سلباً أو تجاوز النظام في الحصول على عطاء، أو أي عمل لصالح منشأته.
وبالمثل يمكن للجهات المختصة بالمملكة كشف ظاهرة التستر عبر البحث في نشاط المنشأة بجمع قرائن معينة تعطي المختص وكل ذي حق حقه. فمثلاً إن كانت هناك منشأة قام صاحبها بالتستر على عاملين أجانب بفتح مطعم أو تأجير نشاطه لجنسية محددة، واختفى صاحب المبنى أو المنشأة عن الأنظار، وأي ممارسات فعلية في ذلك المطعم، فإن شفافية النشر ستساعد الجهات المسؤولة بكشف التستر بكل سهولة وبضغطة زر. على أن كشف التستر من إيجابياته أنه يساعد على الحد منه، ويصب في نجاح المبادرات الفردية والعمل العصامي. إذ لا يختلف اثنان بأن التستر أكبر عدو للعمل العصامي. لأن أي مبادر لا يستطيع أن ينافس على حصة سوقية، في ظل سيادة ممارسات التستر. ولاشك أن الجهات الرسمية تبذل جهوداً كبيرة للحد من ظاهر التستر، ولكن إن تم تفعيل النظام وتشجيع النشر كما في التجربة الأوربية، فإنه سيساعد الجهات المسؤولة في استئصال الظاهرة من جذورها. وحيث إن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها، فإن كاتب السطور يطرح هذه المعاني لتصب في الجهود المبذولة من الجهات ذات الصلة.
نقلا عن المدينة