النفط الأمريكي بلا "قيود" (2-2)

12/06/2017 1
م. ماجد عايد السويلم

في مقالي السابق تحدثت عن جملة من القرارات السياسية والاقتصادية التي اتخذتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لتحرير أسواق النفط الأمريكية من "القيود" وتعزيز التنافسية بعد انهيار أسعار النفط في أواخر2015. هنا سأتطرق إلى تداعيات هذه القرارات بشقيها الايجابي والسلبي على المواطن الأمريكي والشركات النفطية الأمريكية ومنظمة أوبك والاقتصاد السعودي.

بتنفيذها لهذه القرارات، تعلن الإدارة الأمريكية عن استعدادها للتعايش مع أسعار النفط الحالية دون الـ 60 دولار للبرميل مما سيساهم في تحفيز الاقتصاد الأمريكي وتأمين الحصول على امدادات طاقة رخيصة لكافة شرائح المجتمع الأمريكي بعد التأثير السلبي لتطبيق القوانين التي تحد من انبعاثات الغازات الدفيئة كما هو الحال في ولاية كاليفورنيا والتي ارتفعت فيها تكلفة الكهرباء منذ تطبيق هذه القوانين وهي أعلى بنسبة 50٪ من المتوسط القومي في 2014.

النطاق الحالي لأسعار النفط، في وجهة نظري، قد يستمر طيلة فترة حكم الرئيس دونالد ترامب وله انعكاسات سلبية على الدول التي ما تزال تعتمد بشكل أساسي على النفط كمصدر دخل. الجانب الايجابي لنا في المملكة هو أن تدني الأسعار سيساهم بشكل كبير في تسريع وتيرة تنويع مصادر الدخل في السنين المُقبلة كجزء من أهداف رؤية المملكة 2030.

في المقابل، لن تتخلى الإدارة الأمريكية عن دعم الشركات النفطية الأمريكية سواء المنتجة للنفط أو المقدمة للخدمات النفطية، وانخفاض الأسعار دون الـ 40 دولار للبرميل على المدى الطويل لن يكون مُحبذًا لجميع الأطراف. أول بوادر الدعم كانت بتوقيع أكثر من 10 شركات أمريكية في قطاع الخدمات النفطية اتفاقيات مع أرامكو السعودية بقيمة 50 مليار دولار أمريكي وهي خطوة موفقة وستساهم برفع نسبة المحتوى المحلي في القطاع النفطي إلى 75٪ كما هو مستهدف في رؤية المملكة 2030.

أما في قطاع التنقيب والإنتاج، ستتوسع الشركات النفطية الأمريكية محليًا ودوليًا في أعمالها وليس من المستبعد أن تقوم الولايات المتحدة في السنين القادمة بتصدير النفط بكميات كبيرة بعد أن وافق الكونغرس الأمريكي بالإجماع على رفع حظر تصدير النفط الأمريكي الذي استمر لـ 40 عامًا في ديسمبر 2015. دعم الشركات النفطية اللامتناهي من الإدارة المحلية نتج عنه خلق 12,000 وظيفة خلال الـ 6 أشهر الماضية (وبتزايد ملحوظ منذ فبراير) في ولاية تكساس ناهيك عن الولايات الأخرى بحسب تقرير صحيفة Chron الأمريكية الصادر مؤخرًا في 6 يونيو.

وفي المقابل، ستضطر الدول الأعضاء في أوبك إلى تمديد خفض الإنتاج أو تخفيض أكثر خصوصاً في الربع الأخير من 2017 لتحقيق التوازن في الأسواق في ظل زخمة المعروض الحالي والمستقبلي. تمديد خفض انتاج المملكة أو زيادة مقداره ان تم فهو خبر إيجابي على عكس ما يظن البعض حيث سيُخفف من حدة استنزاف الحقول النفطية والتي كان العديد منها ينتج بالطاقة الإنتاجية القصوى الثابتة (Maximum Sustainable Capacity) خصوصًا حقل الغوار لفترات طويلة في معركة الحفاظ على الحصص السوقية في العامين الماضيين كما أنه سيساهم في رفع نسبة كفاءة إدارة المكامن النفطية في الحقول النفطية القديمة والحفاظ على الموارد النفطية للأجيال القادمة.

ما تزال العلاقة بين الدولة المنتجة داخل منظمة أوبك (والتي تعاني من توترات داخلية بين أعضائها) وخارج منظمة أوبك تقوم على مبدأ التنافسية. الموقف الأمريكي واضح لخّصَه ريك بيري، وزير الطاقة الأمريكي، في مؤتمر صحفي عُقِد في هيوستن بتاريخ 15 مايو بقوله: "أنا من أشد المؤمنين بالتنافس ... أعتقد أن الأسواق سوف تتولى زمام الأمور دون تدخل أوبك".

بينما هو يُصرِّح، يبذل معالي وزير الطاقة خالد الفالح وفريقه جهود ضخمة بهدف تقريب وجهات النظر بين المنتجين وفرض "قيود" على فائض النفط بالتنسيق مع دول خارجها كروسيا منذ أواخر 2016.هذه الجهود هي التي ستتحكم بزمام الأمور وستحقق التوازن المطلوب لا التنافس الذي ينشده الوزير ريك بيري خصوصًا في تحجيمه لدور منظمة أوبك، والله أعلم.

خاص_الفابيتا