مكافآت المدراء التنفيذيين في الشركات المساهمة، محاولة للفهم

02/04/2017 2
د. مشعل فرج

نشرت "أرقام" دراستها السنوية حول مكافآت كبار التنفيذيين في الشركات السعودية في تاريخ 19/3/2017 على موقعها. لم تحدد الدراسة ما إذا كانت محصورة على الشركات المدرجة في السوق السعودي أو الشركات السعودية بشكل عام، ولكن واضح من قائمة الشركات الواردة في الدراسة أن أغلب الشركات التي شملتها الدراسة هي شركات مساهمة.   

الدراسة تبين أن هناك ارتفاع في مكافآت بعض المدراء في بعض الشركات يقابله تراجع في مكافآت بعض التنفيذيين في شركات أخرى. مكافآت المدراء التنفيذيين في الشركات المساهمة موضوع شائك وكثير ما يثير تساؤلات المساهمين حول طبيعة تقييم هذه المكافآت ومدى علاقتها بأداء الشركة.  

الإختلاف حول موضوع المكافآت كثير ما يستخدم كأحد الإشكاليات التي يعاني منها نظام الحوكمة. المادة الحادية والستون من لائحة حوكمة الشركات المحدثة الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية ربطت إعداد سياسية المكافآت الخاصة بأعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والتوصية بها بلجنة المكافآت، والتي تقوم بدورها برفعها لمجلس الإدارة.

لجنة المكافآت وفقاً للمادة الستون من نفس اللائحة تُشكل بقرار من مجلس الإدارة وتتكون من غير أعضاء المجلس التنفيذيين، على أن يكون من بينهم واحد مستقل على الأقل. يُفهم من هذا بطريقة غير مباشرة أن مجلس إدارة الشركة هو من يحدد مكافآت التنفيذيين، وأعضاء المجلس من جانب اخر يتم انتخابهم من قبل المساهمين. وفقاً لهذه الهيكلة، المساهمين نظرياً لهم الكلمة العليا في تحديد مكافآت التنفيذيين في الشركة. هذا النوع من الديموقراطيات الذي يفرضه نظام الشركات ولائحة الحوكمة بسيط ولكنه في الحقيقة ليس بسيط كما يبدو. 

تحديد مكافآت المدراء التنفيذين بطبيعته هو من صلاحيات مجلس الإدارة، إذا ما نص نظام الشركة خلاف ذلك، وبالتالي ينطبق عليه ما ينطبق جميع القرارات التي يصدرها المجلس من ضرورة بذل عناية عند إتخاذه والتأكد من انه يصب في مصلحة الشركة ومساهميها ولا يتعارض مع تلك المصلحة. 

نصت المادة السادسة عشرة من اللائحة على ألا يقل عدد الأعضاء المستقلين في المجلس عن أثنين أو ثلث أعضاء المجلس، أيهما أكثر. وجود العضو المستقل في المجلس يخفف من تعارض المصالح ولكنه لا يضمن بذل العناية الواجبة عند إتخاذ القرار.

إذا لم يقتنع المساهم بمقدار المكافآت المدفوعة للمدراء في الشركة ولم يكن له ثقل في الجمعية العامة للمساهمين، ماهي الخيارات المتاحة أمامه؟

أسهل الطرق هو بيع أسهمه التي يمتلكها في تلك الشركة، أو الحل البديل هو إثبات خطأ أعضاء المجلس المتمثل في الموافقة على مكافآت الإداريين المرتفعة والذي بدوره سبب له ضرر.  

هذه الحلول قد تبدو لبعض المساهمين صعبة أو غير عملية، وهنا يبدأ يثور التساؤل عن دور هيئة السوق المالية في السياق. 

الهيئة كجهة رقابية مستقلة لا يٌتوقع منها التدخل في شؤون الشركات. المنطق الذي يبرر هذا الحياد من الهيئة هو أن نظامها ولوائحه التنفيذية صممت بطريقة تسمح لقوى السوق بتحديد مقدار مكافآت الإداريين التنفيذيين وليس الأجهزة الحكومية وموظفيها. حياد الهيئة ليس كامل كما يبدو إذ ضمن نطاق نظامها ولوائحه التنفيذية تضمن درجة معينة من الإفصاح عن المكافآت.

في ظل قلة الحلول المتاحة أمام المساهمين، هناك مساحة متاحة أمام هيئة السوق المالية تستطيع من خلالها أن تزيد من دورها في موضوع مكافآت المدراء التنفيذيين، وذلك عن طريق فرض إجراءات إفصاح أكثر توضح مقدار هذه المكافآت وتقارن بين ما يقوم به التنفيذيين من أعمال لصالح الشركة وبين مقدار المكافآت التي تدفع لهم. وهي بذلك تحافظ على حيادها وفي نفس الوقت تحاول أن تضمن العدالة للمساهمين والتنفيذيين. 

خاص_الفابيتا