عدم اعتبار عقد الإيجار، الذي لا يسجل في الشبكة الإليكترونية، عقداً صحيحاً منتجاً لآثاره الإدارية والقضائية، وما سبق ذلك من إلزام الوسطاء العقاريين المرخص لهم، بتسجيل جميع عقود إيجار الوحدات السكنية والتجارية من خلال تلك الشبكة الإليكترونية، التي صدرت موافقة مجلس الوزراء على إنشائها عام 1435هـ، والتأكيد على أن من يخالف ذلك ستطبق عليه العقوبات الواردة في لائحة تنظيم المكاتب العقارية هو مما يصب دون أدنى شك في تمتين قواعد الثقة في سوق إيجار المساكن، وبما يفضي إلى دعم وزارة الإسكان في تحقيق رؤيتها ورسالتها القائمة على محورين رئيسيين، أحدهما وربما أهمهما هو دعم العرض لمزيد من المساكن، فقضايا غياب بعض المستأجرين، أو هروبهم وفي ذممهم إيجارات متبقية، مع ترك العين المؤجرة مقفلة، هو مما يمكن أن يفضي إلى تراجع حجم الاستثمار في القطاع التأجيري السكني، وازدياد ما يعرض منها على المحاكم، وأقسام الشرطة لمعالجة تبعاتها، وهي وإن كان البعض يرى أنها قد وصلت لمرحلة الظاهرة، فتعود في الواقع -كما ذكرت في مقال سابق- لارتفاع نسبة الوحدات السكنية المؤجرة في المملكة، فبناء على آخر إحصائية رسمية عن المساكن لدينا، هناك ما يربو على (4.6) ملايين وحدة سكنية يزيد عدد المستأجر من هذه الوحدات السكنية عن (2.6) مليون وحدة سكنية بمختلف أنواعها، أي ما نسبته نحو (57%)، وتعود تلك النسبة المرتفعة للوحدات السكنية المؤجرة كما هو معروف للأيدي العاملة الوافدة التي تشغل نسبة (31%) من إجمالي الوحدات السكنية في المملكة، ومع ذلك تشير بعض الدراسات الاقتصادية المبنية على نتائج مسح إنفاق ودخل الأسرة الذي تقوم به الهيئة العامة للإحصاء كل خمس سنوات لعينة من الأسر في جميع مناطق المملكة، إلى تقدير حجم إنفاق السعوديين على المساكن سنوياً، وأنه يزيد على الثمانين مليـار ريال، وهو بلا شك مبلغ ضخم، خاصة إذا أضيف له ما ينفقه المقيمون أيضاً في المجال الأمر الذي يعطي انطباعاً بأن الاسـتثمار في القطاع التــأجيري السكني لا يــزال غير متأثـر بالدرجة التي نتوقعهــا، وأن حجم قضايا عدم سداد إيجارات المساكن ربما لا زالت ضمن معدلاتها الطبيعية ولم تصل إلى مستوى الظاهرة.
في المقابل ما قد يمكن توقعه من إضافة ونتائج غير مباشرة لعملية تسجيل عقود إيجار الوحدات السكنية والتجارية في تلك الشبكة الإليكترونية هو إثراء قواعد البيانات في هذا الجانب، التي ستستفيد منها بالدرجة الأولى وزارة الإسكان، وبالذات في تحديد من هو مستحق بالفعل للدعم السكني، حيث من المحتمل أن يكون من ضمن المتقدمين لهذا الغرض مواطنون يمتلكون وحدات سكنية أو تجارية في المدن التي يقيمون بها، أو ربما خارجها ويقومون بتأجيرها للغير، أو حتى مستأجرين لوحدات تجارية استثمارية بمبالغ كبيرة تعكس ملاءتهم المالية، ويجعلهم بالتالي غير مستحقين لأن يشملهم برنامج الدعم السكني، الأمر الذي سيؤدي بتسجيل عقود إيجار الوحدات السكنية والتجارية لأن تكون وسيلة لفرز أعمق لطالبي الدعم السكني، ومن ثم توجيه هذا الدعم بالفعل لمستحقيه.
نقلا عن الرياض