المنتديات الإقتصادية الإلكترونية .. ما لها وما عليها

27/02/2010 2
محمد سليمان يوسف

مع كسر المؤشر العام لسوق دبي المالي الأسبوع الماضي لمستوى الدعم الهام ألف وستمائة نقطة، شهدت أوساط المتداولين حالات نفسية سيئة، إما بسبب الخسائر الحقيقية التي تكبدوها كنتيجة لبيع أسهمهم بخسارة تحت وطأة الخوف والهلع، أو بسبب الخسائر الدفترية التي أقلقت مضجعهم. وبالرغم من انحسار حالة الخوف يوم الخميس الماضي الموافق 25/2/2010 إثر توقف الهبوط إلا أن تلاشي حالة الخوف كليا وعودة المتداولين إلى طبيعتهم مرتبطة بما ستقدمه لهم الأيام القادمة من مفاجآت.

إن حالة الكآبة والإحباط الشديد التي يعاني منها المتداولون ظاهرة للعيان بقوة في المنتديات الإقتصادية المهتمة بما يجري في الأسواق المحلية وبالتحديد في كل من "منتدى الإمارات للأوراق المالية" و"منتدى الإمارات للتداول" ويأتي تركيزنا على هذين المنتديين كونهما الأكثر شعبية والأكثر متابعة ومناقشة لهموم المتداولين بل والأكثر عكسا لأرائهم ونفسياتهم.

كانت المنتديات وما زالت تلعب دورا مهما في حياة صغار المستثمرين ومع انتشار التداول الإلكتروني خلال السنتين الماضيتين تعاظم دورها أكثر خاصة إثر فشل قاعات التداول في المحافظة على المتداولين داخلها بعد استقطابها القوي لهم خلال العامين ألفين وخمسة وألفين وستة والمدهش في الأمر أن هذه المنتديات تمكنت من الإستحواذ على اهتمام شريحة واسعة من المستثمرين والمضاربين من فئة مبتدأ فما فوق وتمكنت بالفعل من لعب دور المقاهي الشعبية. وبالرغم من أنها مواقع افتراضية على شبكة الإنترنت إلا أنهى اصبحت ملتقى يعبر أعضاؤه ورواده عن أفكارهم وأرائهم وتحليلاتهم ومشاكلهم ومشاعرهم بل وتحولت هذه المنتديات في أحيان كثيرة لمنابر علمية ومدارس تعليمية والأجمل من ذلك أنها فتحت بابا مواربا للمواساة والأفراح والأتراح فترى تهنئة بمولود هنا وتعزية بفقدان عزيز هناك.

بسبب دورها  المؤثر على القرار الاستثماري لصغار المتداولين – لولا تأثيرها لما اهتم لوجودها أحد – تعرضت المنتديات خلال الفترة الماضية لانتقادات حادة من مسؤولي الأوراق المالية وبعض المحللين ممن يكثرون الظهور على شاشات المحطات التلفزيونية وإذا كان هذا النقد مبررا في بعض جوانبه فإنه غير مبرر في جوانب عديدة أخرى، صحيح أن بعض أقلام الناشطين تشط وتتجاوز الخطوط الحمراء في نقدها اللاذع .. وصحيح أن بعض التحليلات الفنية مثيرة للكآبة والذعر – كالتبشير بين الحين والآخر  بقيعان جديدة وعميقة للأسواق المحلية - لكن الصحيح أيضا أن توجس المحلل أوالمسؤول مبالغ فيه ويحمل الكثير من التجني لأن معظم ما تنتقده المنتديات صحيح وفي محله والعبرة للآراء الصائبة لا للآراء الشاذة، أما التحليل الفني فيبقى مجرد راي قابل للخطأ والصواب ويجب عدم تحميله أكثر مما يحتمل.

كي لا يفهم أحد أنني أدافع عما تنتجه المنتديات من آراء وتحليلات – لدى المنتديات مدافعين أشاوس – وكي لا يفهم البعض أني أروج لها فإني أعلن هنا أن ما أقوله مجرد وجهة نظر أحاول فيها قدر الإمكان أن أكون حياديا وموضوعيا وبناء عليه لا أجد غضاضة في القول أن هذه المنتديات تستطيع أن تكون أفضل وأن ترتقي بعملها على المستويين الفني والموضوعي أكثر وأن يبتعد أعضاءها عن إثارة مواضيع قد تضر بالأسواق خاصة المرتبطة أو المتعلقة بنقل الشائعات أو تعهد البعض لمصالح "الهوامير" وتمرير ما تريده المحافظ والصناديق الإستثمارية لرفع سهم معين أو الضغط لخفض سهم آخر.

لا شك أن الكثير من كبار المضاربين ومدراء المحافظ والصناديق يتابعون المنتديات وما يكتب فيها، ويستطيعون بما يملكون من خبرات وكفاءات في مجالات التحليل الفني والأساسي والنفسي توجيه السوق صعودا وهبوطا تبعا لتفاؤل المتداولين أو تشاؤمهم خاصة مع الضحالة الحالية للأسواق وانخفاض قيمة التداولات إلى أدنى مستوى لها خلال السنوات الخمس الماضية ولذلك فإن المصلحة العامة تقتضي من إدارات هذه المنتديات توخي الحذر فيما يكتب وينشر فيها كي لا تتحول من عامل عون للسوق إلى عامل ضغط ينتج عواقب وخيمة.

إن المنتديات الإقتصادية المنتشرة المهتمة بالأسواق الإماراتية إضافة إعلامية اقتصادية الكترونية هامة يجب المحافظة عليها ليس باعتبارها تجربة رائدة تستحق أن ينظر المسؤول إليها بعين العطف بل لأنها متنفس للمتداولين يعبرون من خلالها عن أرائهم ومشاعرهم وعواطفهم الجياشة المتمثلة بالفرح والأمل والتفاؤل حينا وبالإحباط والكآبة والتذمر والسخط حينا آخر مما قد يساعد الأسواق على التخلص من الإحتقان النفسي الذي إن لم يجد منفذ له قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه كما حصل في الكويت خلال الأشهر القليلة الماضية وعليه فإن أي مطالبات بحجبها مستقبلا أمر مرفوض ومد يد العون لمساعدتها على الإرتقاء من مستوى الهواية إلى مستوى الاحتراف أمر مطلوب.